إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{إن الصفا والمروة من شعائر الله}

          ░21▒ ({إِنَّ الصَّفَا}) ولأبي ذرٍّ: ”باب(1) قوله: {إِنَّ الصَّفَا}“ ({وَالْمَرْوَةَ}) «إنَّ» واسمها، وثَمَّ محذوفٌ، أي: إنَّ(2) طواف الصَّفا(3) أو سعي الصَّفا(4): والصفا والمروة: علمين لجبلين معروفين، واللَّام فيهما للغلبة(5)، والمروة: الحجارة الصِّغار، والخبر قوله: ({مِن شَعَآئِرِ اللّهِ }) أي: من مناسك الحجِّ ({فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ}) شرطٌ في محلِّ رفعٍ بالابتداء، و{حَجَّ}: في موضع جزمٍ‼، و{الْبَيْتَ}: نُصِب على المفعول به لا على الظَّرف، والجواب قوله: ({فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}). الإجماع على مشروعيَّة الطَّواف بهما في الحجِّ والعمرة، واختُلِف في وجوبه؛ فعن مالكٍ والشَّافعيِّ أنَّه ركنٌ؛ لقوله ╕ : «اسعَوا فإنَّ الله كتب عليكم السَّعي» رواه أحمد، وعن الإمام أحمد أنَّه سنَّةٌ لقوله تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ} فإنَّه يُفهَم منه التَّخيير، وهو ضعيفٌ؛ لأنَّ نفي الجناح يدلُّ على الجواز الدَّاخل في معنى الوجوب، فلا يدفعه، وعن أبي حنيفة أنَّه واجبٌ يُجبَر بالدَّم ({وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا}) فَعَلَ طاعةً، و{خَيْرًا}: نُصِبَ على أنَّه صفة مصدرٍ محذوفٍ، أي: تطوُّعًا خيرًا ({فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ}) يقبل اليسير ويعطي الجزيل، أو شاكرٌ(6) بقبول أعمالكم ({عَلِيمٌ}[البقرة:158]) بالثَّواب، لا يخفى عليه طاعتكم.
          ({شَعَآئِرِ}) ولأبي ذرٍّ: ”الشَّعاير“: (عَلَامَاتٌ، وَاحِدَتُهَا: شَعِيرَةٌ) وهي العلامة، والأجود في «شعائر» الهمزة، عكس {مَعَايِشَ}[الأعراف:10].
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ╠ فيما وصله الطَّبريُّ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه: (الصَّفْوَانُ: الحَجَرُ، وَيُقَالُ: الحِجَارَةُ المُلْسُ) بضمِّ الميم وسكون اللَّام، جمع أملس: (الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا) أبدًا، كذا قاله أهل اللُّغة (وَالوَاحِدَةُ) أي: واحدة الصَّفوان (صَفْوَانَةٌ؛ بِمَعْنَى: الصَّفَا، وَالصَّفَا) بالقصر (لِلْجَمِيعِ) وهي الصَّخرة الصَّمَّاء، وألف «الصفا» عن واوٍ؛ لقولهم: صفوان، والاشتقاق يدلُّ عليه؛ لأنَّه من الصَّفو، وسقط للحَمُّويي من قوله: «وقال ابن عبَّاسٍ...» إلى آخره.


[1] «باب»: مثبتٌ من (د) و(س).
[2] «إنَّ»: ليس في (د).
[3] زيد في (د): «والمروة»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
[4] زاد في غير (د): «أي».
[5] في (ص): «القبلة»، ولعلَّه تحريفٌ.
[6] في (ص): «شكورٌ».