إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة يونس

          ░░░10▒▒▒ ( ╖ . سورة يُونُسَ) مكيَّةٌ، وهي مئةٌ وتسع آياتٍ، وقدَّم أبو ذَرٍّ السُّورة على البسملة.
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) ╠ ، وفي نسخةٍ: ”باب: وقال ابن عبَّاسٍ“(1) فيما(2) وصله ابن أبي حاتمٍ من طريق ابن جريجٍ عن عطاءٍ عنه: ({فَاخْتَلَطَ}[يونس:24]) زاد أبو ذَرٍّ والوقت: ”{بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ}“ أي: (فَنَبَتَ بِالمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ) ممَّا يأكل النَّاس من الحنطة والشَّعير وسائر حبوب الأرض. (وَ{قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا}) حين(3) قالوا: الملائكة بنات الله، وقالت اليهود: عزيرٌ ابن الله، وقالت(4) النَّصارى: عيسى ابن الله، وسقطت الواو في بعض النُّسخ موافقةً للفظ التَّنزيل ({سُبْحَانَهُ}) تنزيهًا(5) له عن اتِّخاذ الولد ({هُوَ الْغَنِيُّ}[يونس:68]) عن كلِّ شيءٍ، فهو علَّةٌ للتَّنزيه عن اتِّخاذ الولد، وسقط «{وَقَالُواْ}...» إلى آخره لأبي ذَرٍّ، وليس فيه حديثٌ مسوقٌ، فيحتمل إرادته؛ لتخريج ما(6) يناسب ذلك، فبيَّض له ولم يتيسَّر له إيراده هنا.
          (وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ) أبو أسامة مولى(7) عمر بن الخطَّاب ممَّا وصله ابن جريرٍ(8): ({أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}[يونس:2]) هو (مُحَمَّدٌ صلعم ) وأخرج الطَّبريُّ(9) من طريق الحسن أو قتادة قال: «محمَّدٌ شفيعٌ(10) لهم» ووصله ابن مردويه من حديث عليٍّ، ومن حديث(11) أبي سعيدٍ بإسنادين ضعيفين.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) هو ابن جبرٍ فيما(12) وصله الفريابيُّ من طريق ابن أبي نَجيحٍ عنه {قَدَمَ صِدْقٍ} / قال: (خَيْرٌ) ورجَّحه ابن جريرٍ لقولِ العرب: لفلانٍ قدمُ صدقٍ(13) في كذا، أي: قدَّمَ فيه خيرًا، أو قَدَمُ سَوءٍ في كذا؛ إذا(14) قدَّم فيه شرًّا. (يُقَالُ: {تِلْكَ آيَاتُ}[يونس:1]) قال أبو عُبيدة: (يَعْنِي: هَذِهِ أَعْلَامُ القُرْآنِ) وأراد: أنَّ معنى «تلك» هذه (وَمِثْلُهُ) من حيث صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة، كما أنَّ في الأوَّل صرف اسم الإشارة عن الغائب إلى الحاضر: ({حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم}[يونس:22] المَعْنَى: بِكُمْ) قال في «الكشَّاف» _وتبعه البيضاويُّ واللَّفظ للأوَّل_: وفائدة صرف الكلام عن الخطاب إلى الغيبة المبالغةُ، كأنَّه يذكر لغيرهم حالهم؛ ليعجبهم منها ويستدعي منهم الإنكار والتَّقبيح، وسقط قوله: «يُقال(15)...» إلى آخره لأبي ذَرٍّ.
          ({دَعْوَاهُمْ}[يونس:209]) ولأبي ذَرٍّ: ”يُقال: دعواهم“ قال أبو عبيدة: (دُعَاؤُهُمْ) في الجنَّة: اللَّهم إنَّا نسبِّحك تسبيحًا ({أُحِيطَ بِهِمْ}[يونس:22]) قال أبو عُبيدة: (دَنَوْا مِنَ الهَلَكَةِ) زاد غيره: وسُدَّت عليهم مسالك الخلاص(16)؛ كمَن أحاط به العدوُّ ({وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ}[البقرة:81]) أي: من جميع جوانبه.
          (▬فَاتَّبَعَهُمْ↨) بتشديد المثنَّاة الفوقيَّة (وَأَتْبَعَهُمْ) بفتح الهمزة وسكون الفوقيَّة (وَاحِدٌ) في المعنى، والوصل والقطع، والتَّخفيف والتَّشديد‼، وبه قرأ الحسن؛ يريد قوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ}(17)[يونس:90].
          ({وَعَدْوًا}(18)) يريد قوله تعالى: {بَغْيًا وَعَدْوًا}[يونس:90] (مِنَ العُدْوَانِ) أي: لأجل البغي والعدوان.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفريابيُّ وعبد بن حميد من طريق ابن أبي نَجيحٍ عنه في قوله تعالى: ({وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ}[يونس:11]): هو (قَوْلُ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ(19): اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ) وفي الفرع: ”له فيه“ وليس «له» في أصله(20) (وَالعَنْهُ. {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}[يونس:11]: لأُهْلِكُ مَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ) بضمِّ همزة «أُهلِكَ» ودال «دُعِيَ» مبنيَّين للمفعول، ولأبي ذَرٍّ: ”لأهلك من دعا عليه“ بفتحهما (وَلأَمَاتَهُ) قال في «فتوح الغيب»: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ} متضمِّنٌ(21) معنى نفي التَّعجيل؛ لأنَّ «لو» لتعليق ما امتنع بامتناع غيره؛ يعني: لم يكن التَّعجيل ولا قضاء العذاب، فيلزم من ذلك حصول المهلة(22)، وهذا لطفٌ من الله(23) تعالى بعباده ورحمةٌ(24)، وفي حديث مسلمٍ عن جابرٍ مرفوعًا: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم؛ لا توافقوا من الله ساعةً يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم» ففيه النَّهي عن ذلك.
          ({لِّلَّذِينَ (25) أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى}[يونس:26]) قال مجاهدٌ _فيما وصله الفريابيُّ_: وعدٌ(26)، أي: (مِثْلُهَا حُسْنَى {وَزِيَادَةٌ}) أي: (مَغْفِرَةٌ) ولأبوي الوقت وذَرٍّ: ”ورضوانٌ“ (وَقالَ غَيْرُهُ) قيل: هو أبو قتادة: (النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ) تعالى، وقد رواه مسلمٌ والتِّرمذيُّ وغيرهما من حديث صهيبٍ مرفوعًا، ورُوِيَ عن الصِّدِّيق وحذيفة وابن عبَّاسٍ وغيرهم من السَّلف والخلف.
          ({الْكِبْرِيَاء}) قال مجاهدٌ في قوله تعالى: {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء}[يونس:78]: هو (المُلْكُ) بضمِّ الميم؛ لأنَّ النَّبيَّ إذا صُدِّق؛ صارت مقاليد أمَّته وملكهم إليه.


[1] قوله: «وفي نسخةٍ: باب: وقال ابن عبَّاسٍ» سقط من (د).
[2] في (د): «ممَّا».
[3] في (م): «حيث».
[4] «قالت»: ليس في (د).
[5] في (د): «تنزيهٌ».
[6] في (د): «إرادته ليخرج بما».
[7] زيد في (د): «بن» وليس بصحيحٍ.
[8] في (ب): «جريج» وليس بصحيحٍ.
[9] في (م): «الطَّبرانيُّ» وهو تحريفٌ.
[10] في (د): «يشفع».
[11] «عليٍّ ومن حديث»: ليس في (ص).
[12] في (د): «ممَّا».
[13] قوله: «قال: خَيْرٌ ورجَّحه ابن جريرٍ؛ لقول العرب: لفلانٍ قدمُ صدقٍ» سقط من (د).
[14] في (د): «أَيْ».
[15] في (د): «تعالى»، وهو تحريفٌ.
[16] في (د): «الإخلاص»، ولا يصحُّ.
[17] في (ج) و(ل): «{بِجُنُودِهِ}».
[18] في (ج) و(ل): «عدوانًا».
[19] في (د): «وماله عند الغضب».
[20] قوله: «وفي «الفرع»: له فيه، وليس له في أصله»، سقط من (د).
[21] في (د): «يتضمَّن».
[22] في (ص): «المهملة»، ولا يصحُّ.
[23] في (د): «وهذا من لُطْف الله».
[24] في (د): «ورحمته».
[25] «{لِلَّذِينَ}»: ليس في (د).
[26] في (م): «وعبد وغيرهما»، وفي (ب) و(س): «وعبد»، وكلاهما غير صحيحٍ.