إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

سورة {ويل للمطففين}

          ░░░83▒▒▒ (سورة {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ}) مكِّيَّة أو مدنيَّة، وآيُها ستٌّ وثلاثون.
          ( ╖ ) سقط لفظ «سورة» والبسملة لغير أبي ذرٍّ. (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيمَا وصلَه الفِريابيُّ في قولهِ تعالى: ({بَلْ رَانَ}[المطففين:14]) وسقطَ «{بَلْ}» لغيرِ أبي ذرٍّ(1) أي: (ثَبْتُ الخَطَايَا) بفتح المثلثة وسكون الموحدة، بعدها مثناة فوقية، حتَّى غمرتهَا، والرَّان: الغِشاوة على القلبِ، كالصَّدأ(2) على الشَّيء الصَّقيل من سيفٍ ونحوه، قال:
وَكَمْ رَانَ مِنْ ذَنْبٍ عَلَى قَلْبِ فَاجِرٍ                     فَتَابَ مِنَ الذَّنْبِ الَّذِي رَانَ فَانْجَلَى‼(3)
وأصلُ الرَّين الغَلبة، ومنه: رانَت الخمرُ على عقلِ(4) شاربها، ومعنى الآية: أنَّ الذُّنوب غلبتْ على قلوبِهم وأحاطَت بها(5). وفي التِّرمذيِّ _وقال: حسنٌ صحيحٌ_ عن أبي هريرة مرفوعًا: «إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتَ في قلبهِ نكتَة، فإن هو نزعَ واستغفرَ؛ صُقِلَت، فإن عادَ؛ زيدَ فيها حتَّى تعلُو قلبه، فهو الرَّان الَّذي ذكر اللهُ في كتابهِ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم}[المطففين:14]».
          ({ثُوِّبَ}[المطففين:36]) أي: (جُوزِيَ)، قالَه مجاهدٌ فيما وصلَه الفِريابيُّ.
          (الرَّحِيقُ) أي: (الخَمْرُ) الخالصُ من الدَّنس.
          ({خِتَامُهُ مِسْكٌ}[المطففين:26]) أي: (طِينُهُ) أو آخر شربه يفوحُ منهُ رائحةُ المسكِ.
          (التَّسْنِيمُ: يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الجَّنَةِ) أي: ينصبُّ عليهم من علوٍ في غرفِهم ومنازلهم، أو يجري في الهواءِ متسنِّمًا فينصبُّ في أوانيهِم على قدرِ ملئهَا، فإذا امتَلأت أمسكَ، وهذا ثابتٌ للنَّسفي وحدَه، من قوله: ”الرَّحيق...“ إلى آخره.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) غير مجاهدٍ: (المُطَفِّفُ) هو الَّذي (لَا يُوَفِّي غَيْرَهُ) حقَّه في المكيالِ والميزانِ، والطَّفف(6): النَّقص، ولا يكادُ المطفِّف(7) يسرقُ في الكيلِ والوزنِ إلَّا الشَّيء التَّافه الحقير، وقوله: ”غيره“ بعد قولهِ: «لا يُوَفِّي» ثابتٌ في روايةِ أبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ.


[1] في (م) زيادة: «أي ران».
[2] في (ج) و(ل): «كالصَّدى».
[3] في (م): «وانجلى».
[4] في (ص): «قلب».
[5] قوله: «ومعنى الآية: أنَّ الذُّنوب غلبتْ على قلوبِهم وأحاطَت بهَا»: ليس في (م).
[6] في (م) و(د): «التطفيف».
[7] في (س): «المتطفف».