إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}

          ░15▒ (باب: {قَدْ نَرَى}) ولأبي ذرٍّ: ”باب قوله: {قَدْ نَرَى}“ ({تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء}) أي: تردُّد وجهك في جهة(1) السَّماء تطلُّعًا(2) للوحي، قيل: و«قد» تصرف المضارع إلى معنى المضيِّ؛ كهذه الآية وأشباهها، وقول الزَّمخشريِّ: {قَدْ نَرَى} ربَّما نرى، ومعناه: كثرة الرُّؤية؛ كقوله:
قد أتركُ القِرْنَ مُصْفرًّا أناملُه                     . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
          تعقَّبه أبو حيَّان بأنَّه شرح قوله: {قَدْ نَرَى} بـ «ربُّما نرى»، و«ربَّ»(3) عند المحقِّقين لتقليل الشيء في نفسه أو لتقليل نظيره، ثمَّ قال: «ومعناه: كثرة الرُّؤية» فهو مضادٌّ لمدلول «رُبَّ» على مذهب الجمهور، ثمَّ ما ادَّعاه من كثرة الرُّؤية لا يدلُّ عليه اللَّفظ؛ لأنَّه لم يوضع للكثرة «قد» مع المضارع، سواءٌ(4) أريد المضيُّ أم لا، وإنَّما فُهِمَت من التَّقلُّب ({فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}) تحبُّها وتتشوَّق إليها؛ لمقاصد دينيَّة وافقت مشيئة الله تعالى‼ وحكمه، والجملة في محلِّ نصبٍ صفةٌ لـ {قِبْلَةً} ({فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:144]) نحوَه وجِهَته، ولغير أبي ذرٍّ بعد قوله: {فِي السَّمَاء}: ”إلى: {عَمَّا يَعْمَلُونَ (5)}[البقرة:144]“ وسقط ما بعدها.


[1] «جهة»: ليس في (د).
[2] في (د): «تطلُّبًا».
[3] في (ص): «وربَّما».
[4] «سواء»: ليس في (د).
[5] في (د) و(س): {تَعْمَلُونَ} وهي قراءة ابن عامرٍ وحمزة والكسائِي.