إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب

          ░2▒ هذا(1) (بابٌ) بالتَّنوين‼ بغير ترجمةٍ.
          (قَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله عبد بن حميدٍ عن ورقاء عن ابن أبي نَجيحٍ عنه في قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْاْ} ({إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}[البقرة:14]) أي: (أَصْحَابِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالمُشْرِكِينَ) وسُمُّوا شياطين؛ لأنَّهم ماثَلُوا الشَّياطين في تمرُّدهم، وهم المظهرون كفرهم، وإضافتهم إليهم(2) للمشاركة في الكفر، قال القطب: وهو استعارةٌ، وإضافة الشَّياطين إليهم قرينة الاستعارة.
          وقال مجاهدٌ أيضًا _فيما وصله عبد بن حميدٍ بالإسناد المذكور_ في قوله(3) تعالى: {واللّهُ} ({مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ}[البقرة:19]) أي: (اللهُ جَامِعُهُمْ) زاد الطَّبريُّ: في جهنَّم، قال البيضاويُّ كالزَّمخشريِّ أي: لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط، وجملة {واللّهُ مُحِيطٌ} اعتراضٌ لا محلَّ لها، وقال القطب: فهو استعارةٌ تمثيليَّةٌ؛ شبَّه حال تقريع الكفَّار في أنَّهم لا يفوتونه ولا محيص لهم عن عذابه بحال المحيط بالشَّيء في أنَّه لا يفوته المحاط به، واستُعير لجانب المشبَّه الإحاطة، وقوله: «والجملة اعتراضٌ لا محلَّ لها» قال أبو حيَّان: لأنَّها دخلت بين هاتين الجملتين؛ وهما: {يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ ة} و{يَكَادُ الْبَرْقُ}[البقرة:19-20] وهما من قِصَّةٍ واحدةٍ.
          ({صِبْغَةَ}) أي: (دِيْنَ) يريد قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللّهِ}[البقرة:138] وهذا وصله أيضًا عبد بن حميدٍ عن مجاهدٍ أيضًا، وقال البيضاويُّ أي: صبغنا الله صبغته؛ وهي فطرة الله التي فطر النَّاس عليها، فإنَّها حلية الإنسان، كما أنَّ الصِّبغة تحلية المصبوغ.
          وقال مجاهدٌ أيضًا في قوله تعالى: {إِلاَّ} ({عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة:45]) أي: (عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا(4)) وصله عنه(5) عبد بن حميدٍ.
          (قَالَ مُجَاهِدٌ) أيضًا: ({بِقُوَّةٍ}[البقرة:63]) أي: (يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ) وصله عنه عبد بن حميدٍ أيضًا، وسقط لأبي ذرٍّ قوله(6): «قال مجاهدٌ».
          (وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ) _فيما وصله ابن أبي حاتمٍ عنه_ في قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِم} ({مَّرَضٌ}[البقرة:10]) أي: (شَكٌّ).
          وقال(7) أيضًا فيما وصله ابن أبي حاتمٍ عنه في قوله تعالى: {نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} ({وَمَا خَلْفَهَا}[البقرة:66]) أي: (عِبْرَةً لِمَنْ بَقِيَ) أي: من بعدهم من النَّاس، وقوله تعالى: ({لاَّ شِيَةَ}) {فِيهَا}[البقرة:71] بالياء من غير همزٍ، أي: (لَا بَيَاضَ) فيها.
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) هو أبو عبيدٍ القاسم بن سلَّام في قوله تعالى: ({يَسُومُونَكُمْ}[البقرة:49]) أي: (يُوْلُونَكُمْ): بضمِّ أوَّله وسكون الواو، وقال في قوله تعالى: {هُنَالِكَ} ({الْوَلَايَةُ}[الكهف:44]): (مَفْتُوحَةٌ) واوها: (مَصْدَرُ الوَلَاءِ) بفتح الواو والمدِّ (وَهِيَ الرُّبُوبِيَّةُ، وإِذَا(8) كُسِرَتِ الوَاوُ؛ فَهِيَ الإِمَارَةُ) بكسر الهمزة، وإنَّما ذكر هذه ليؤيِّد بها تفسير {يَسُومُونَكُمْ}: يُوْلُونكم.
          (وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ) ذكره الفرَّاء في «معاني القرآن» عن عطاءٍ وقتادة.
          (وَقَالَ قَتَادَةُ) فيما وصله عبد بن حميدٍ في قوله تعالى: ({فَبَآؤُواْ}[البقرة:90]) أي: (فَانْقَلَبُوا).
          (وَقَالَ غَيْرُهُ) في قوله تعالى: ({يَسْتَفْتِحُونَ}[البقرة:89]) أي: (يَسْتَنْصِرُونَ) كذا قاله أبو عبيدة(9)، أي: على المشركين، ويقولون‼: اللهمَّ انصرنا بنبيِّ آخر الزَّمان المنعوت في التَّوراة.
          وقال في قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا} ({شَرَوْاْ}) {بِهِ أَنفُسَهُمْ}[البقرة:102] أي: (بَاعُوا).
          وقوله تعالى: ({رَاعِنَا}[البقرة:104]: مِنَ الرُّعُونَةِ، إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا؛ قَالُوا: رَاعِنًا) بالتَّنوين صفةً لمصدرٍ محذوفٍ، أي: قولًا ذا رَعَن، نسبةً إلى الرَّعَن(10)، والرُّعونة: الحمق، والجملة في محلِّ نصبٍ بالقول.
          وفي قوله تعالى: ({لاَّ تَجْزِي}[البقرة:48]) أي: (لَا تُغْنِي).
          وفي قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ} ({خُطُوَاتِ}) {الشَّيْطَانِ}[البقرة:168]: (مِنَ الخَطْوِ، وَالمَعْنَى: آثَارَهُ) أي: آثار الشَّيطان، وجميع ما ذكر(11) من قوله: «قال مجاهدٌ» التَّالي الباب إلى هنا ثابتٌ للمستملي والكُشْميهَنيِّ، ساقطٌ للحَمُّويي.


[1] «هذا»: مثبتٌ من (ص).
[2] في (د) و(م): «إليه».
[3] في (د): «قول الله».
[4] «حقًّا»: ليس في (ص).
[5] «عنه»: ليس في (د)، وكذا في المواضع اللَّاحقة.
[6] «قوله»: ليس في (د).
[7] زيد في (د): «مجاهدٌ» وهو خطأٌ.
[8] في (ص): «فإذا».
[9] في (ب): «عبيد» وهو تحريفٌ.
[10] «نسبةً إلى الرَّعن»: ليس في (د).
[11] في (د): «ذكره».