إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{لا يسألون الناس إلحافًا}

          ░48▒ ({لاَ يَسْأَلُونَ}) ولأبي ذرٍّ: ”بابٌ“ بالتَّنوين(1) ”{لاَ يَسْأَلُونَ}“‼ ({ النَّاسَ إِلْحَافًا}[البقرة:273]) نُصِب على المصدر(2) بفعلٍ مقدَّرٍ، أي: يُلحِفون إلحافًا، والجملة المقدَّرة حالٌ من فاعل {يَسْأَلُونَ} أو مفعولًا من أجله، أي: لا يسألون لأجل الإلحاف(3)، أو مصدرًا في موضع الحال، أي: لا يسألون مُلحِفين (يُقَالُ(4): أَلْحَفَ عَلَيَّ وَأَلَحَّ عَلَيَّ) سقطت «عليَّ» هذه الأخيرة لأبي ذرٍّ (وَأَحْفَانِي بِالمَسْأَلَةِ) أي: بالغ فيها، كلٌّ بمعنًى واحدٍ، والعرب إذا نفت الحكم عن محكومٍ عليه؛ فالأكثر في لسانهم نفي ذلك القيد(5)، فإذا قلت: ما رأيت رجلًا صالحًا؛ فالأكثرُ على أنَّك رأيت رجلًا لكن ليس بصالحٍ، ويجوز أنَّك لم ترَ رجلًا أصلًا؛ فقوله: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} مفهومه: أنَّهم يسألون لكن لا بإلحافٍ، ويجوز أن يراد أنَّهم لا يسألون ولا يُلحِفون؛ فهو كقوله: فلانٌ لا يُرجَى خيره، أي: لا خير عنده ألبتَّة فيُرجَى.
          ({فَيُحْفِكُمْ}) {تَبْخَلُوا}[محمد:37] أي: (يُجْهِدْكُمْ) في السُّؤال بالإلحاح.


[1] «بالتَّنوين»: ليس في (د).
[2] في (د): «المصدريَّة».
[3] في (د): «للإحلاف»، وسقط منها: «لأجل».
[4] «يقال»: سقط من (د).
[5] في (م): «المقيد».