إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

طه

          ░░░20▒▒▒ سورة (طَهَ). مكِّيَّة، وهي مئة وأربع وثلاثون آية، ولأبي ذرٍّ: ”سورة طه“.
          ( ╖ ) سقطت البسملة لغير أبي ذرٍّ.
          (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ) سعيدٌ، ممَّا وصله في(1) «الجعديات» للبغويِّ، و«مصنَّف ابن أبي شيبةَ»، ولأبي ذرٍّ بدل: ابن جُبير(2) ”عكرمة“ فيما وصله ابنُ أبي حاتم (وَالضَّحَّاكُ) ابنُ مُزاحِم فيما وصله الطَّبريُّ: (بِالنَّبَطِيَّةِ {طه}) معناه: (يَا رَجُلُ) ولأبي ذرٍّ ”أي: طَهْ: يا رجل“ بسكون الهاء، والمراد: النَّبيُّ صلعم ، قال ابنُ(3) الأنباريِّ: ولغةُ قريشٍ وافقتْ تلك اللغة في هذا؛ لأنَّ الله تعالى لم يُخاطب نبيَّه صلعم بلسانٍ غيرِ قريشٍ، وعنِ الخليل: مَن قرأَ ▬طَهْ↨ موقوفًا؛ فهو: يا رجل، ومَن قرأ {طه} بحرفين من الهجاء؛ فقيل: معناه: اطمئن، وقيل: طأ الأرض، والهاء كنايةٌ عنها، وقال ابنُ عطيَّة: الضميرُ في {طه} للأرض، وخفِّفتِ الهمزةُ فصارتْ ألفًا ساكنة، وقرأَ الحسنُ: ▬طَهْ↨ بسكون الهاء مِن غير ألف بعد الطاء، على أنَّ الأصل: «طَأْ» بالهمز، أمرٌ من «وطئ يطأ»، ثمَّ أُبدلَت الهمزةُ هاءً كإبدالهم لها في «هرقت» ونحوه، أو على إبدال الهمزة / ألفًا، كأنَّه أخذه مِن «وطئ يطأ» بالبدل، ثم حَذف الألف حملًا للأمر على المجزوم، وتناسبًا لأصل الهمز، ثم أَلحق هاء السكت، وأجرى الوصلَ مُجرى الوقفِ، وفي حديث أنسٍ عند عبدِ بنِ حميدٍ: «كان النَّبيُّ صلعم إذا صلَّى قام(4) على رِجْلٍ ورفعَ الأخرى، فأنزل الله: {طه} أي: طَأِ الأرض».
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) في قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ (5)}: ({أَلْقَى}[طه:65]) بفتح الهمزة والقاف، أي: (صَنَعَ) وسقط هذا لغير أبي ذرٍّ(6).
          وقوله تعالى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي}[طه:27] (يُقَالُ: كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهْيَ عُقْدَةٌ) وهذا ساقطٌ لأبي ذَرٍّ(7)، وإنَّما سأل موسى ذلك؛ لأنَّه إنَّما يحسن التبليغ مِنَ البليغ، وقد كان في لسانه رتة، وسببُها _كما روي_ أنَّ فرعون حمله يومًا فأخذ لحيتَه ونتفَها، فغضِبَ وأمرَ بقتله، فقالت آسية: إنَّه صبيٌّ لا يفرِّقُ بين الجمر والياقوت، فأُحضرا بين يديه، فأخذ الجمرة فوضعها في فِيْه، وقوله: {مِّن لِّسَانِي} يتعلَّق(8) بمحذوفٍ على أنَّه صفة لـ {عُقْدَةً} أي: مِن عقدِ لساني، فلم يسأل حلَّ عقدةِ لسانه مطلقًا، بل عقدةً تمنع الإفهام؛ ولذلك نكَّرَها، وجعلَ {يَفْقَهُوا} جوابَ الأمرِ، ولو سألَ الجميعَ لزالَ، ولكن الأنبياءَ ‰ لا يسألونَ إلَّا بحسب الحاجة، قال الحسنُ: قال(9): {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي} قال: احلُلْ عقدةً واحدةً، ولو سألَ أكثرَ مِن ذلك أُعطِي.
          ({أَزْرِي}) في قوله: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي. هَارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}[طه:29-31] أي: (ظَهْرِي)‼ وجماعتُه: أُزر، ويُراد به: القُوَّة، يقال: أزرْتُ فلانًا على الأمر، أي: قوَّيتُه.
          ({فَيُسْحِتَكُمْ}[طه:61]) أي: (يُهْلِكَكُمْ) بعذابٍ ويستأصلَكم به.
          ({الْمُثْلَى}) في قوله تعالى: {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى}[طه:63] (تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ) وهذا ساقطٌ لأبي ذرٍّ(10) (يَقُولُ(11)): إذا غلب هؤلاء(12) يخرجاكم مِن أرضِكم ويذهبا (بِدِينِكُمْ) أي: الذي أنتم عليه، وهو السحر، وقد كانوا معظَّمينَ بسبب ذلك، ولهم أموالٌ وأرزاقٌ عليه (يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى) أي: (خُذِ الأَمْثَلَ) وهو الأفضلُ.
          ({ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}[طه:64] يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ؟ يَعْنِي: المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ) بفتح لام «المصلَّى» و«يصلَّى» قاله أبو عبيدةَ والزَّجَّاج، والمعنى: أنَّهم تواعدوا على الحضور إلى الموضع الذي كانوا يجتمعون فيه لعبادتهم في عيدهم، وقيل: ائتوا مصطفين؛ لأنَّه أهيبُ في صدور الرائين، فهو حالٌ مِن فاعل {ائْتُوا} أي: ذوي صفٍّ، فهو مصدرٌ في الأصل، قيل: وكانوا سبعين ألفًا، مع كلٍّ منهم حبلٌ وعصًا، وأقبلوا عليه إقبالةً واحدةً، وقولُه: «{ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}...» إلى آخره ساقطٌ لأبي ذرٍّ.
          ({فَأَوْجَسَ}[طه:67]) أي: (أَضْمَرَ) ولأبي ذرٍّ: ”{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ}“ (خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الخَاءِ) قال ابن عطيَّة: {خِيفَةً} يصحُّ أن يكون أصله: خوفةً، قُلبتِ الواو ياءً للتَّناسب، ويَحتملُ أن يكون خَوفة بفتح الخاء، قلبتِ الواو ياءٍ ثمَّ كسرت الخاء للتناسب، والخوفُ كان على قومه أن يدخلهم شكٌّ فلا يتَّبعوه.
          ({فِي جُذُوعِ} أَيْ: عَلَى جُذُوعِ { النَّخْلِ}[طه:71]) وضع حرفًا موضع آخر، ومِنْ تعدِّي «صلب» بـ «في» قوله:
وقد صلبوا العبديَّ في جِذْعِ نخلةٍ                     فلا عَطِشتْ شَيْبَانُ إلَّا بِأَجْدعَا
وهو مذهبٌ كوفيٌّ، وقال البصريُّونَ: ليست «في» بمعنى: «على» ولكن شَبَّه تمكُّنَهُم تمكُّنَ مَن حواه الجِذْعُ واشتملَ عليه بتمكُّنِ الشيءِ الموعى في وِعائِه؛ ولذا قيل: في جذوع، وهذا على طريق المجاز، أي: استعمال «في» موضع «على»، وهو أوَّل مَنْ صَلَبَ، وسقط قوله: «{ النَّخْلِ}» لغير أبي ذرٍّ.
          ({خَطْبُكَ}) في قوله تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ}[طه:95] أي: ما (بَالُكَ) وما الذي حَمَلَكَ على ما صنعتَ يا سامريُّ؟
          ({مِسَاسَ}) في قوله: {أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ}[طه:97] (مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا) أي: مصدر لـ «فاعَل» كـ «القتال» من «قاتل»، والمعنى: أنَّ السامريَّ عُوقب على ما فَعَلَ _مِن إضلاله بني إسرائيل باتِّخاذِه العِجْلَ والدعاءِ إلى عبادتِه في الدنيا_ بالنفيِ، وبأن لا يَمَسَّ أحدًا، ولا يَمَسَّهُ أحدٌ، فإنْ مسَّه أحدٌ أصابتْهُما الحُمَّى معًا لوقتهما، وسقط قوله: «{مِسَاسَ}...» إلى آخره لأبي ذرٍّ.
          ({لَنَنسِفَنَّهُ}[طه:97]) أي: (لَنَذْرِيَنَّهُ) رمادًا بعد التحريق بالنار، كما قال قبلُ: {لَّنُحَرِّقَنَّهُ}[طه:97].
          ({قَاعًا}) في قوله: {فَيَذَرُهَا قَاعًا}[طه:106] (يَعْلُوهُ المَاءُ) قال في «الدر»: وفي «القاع» أقوالٌ: قيل: هو منتقعُ الماء، ولا يليقُ معناه هنا، أو هو الأرضُ‼ التي لا نباتَ فيها(13) ولا بناءَ، أو المكانُ المستوي، وجمع «القاع»: أقوع وأقواع وقِيعان.
          (وَالصَّفْصَفُ) / هو (المُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ) وسقطت هذه لأبي ذرٍّ.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) في قوله تعالى: {وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا} ({أَوْزَارًا}) أي: (أثقالًا) كذا لأبوي ذرٍّ والوقت، ولأبي ذرٍّ وحدَه أيضًا: ”{أَوْزَارًا} وهي الأثقال“ ({مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ}[طه:87]) أي: (الحُلِيُّ(14) الَّذِي) ولأبي ذرِّ: ”وهي الحلي(15) التي“ (اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) وهذا وصله الفريابيُّ، وعند الحاكم من حديث عليٍّ قال: «عَمَدَ السامريُّ إلى ما قَدَرَ عليه من الحُلِيِّ فضربه عِجلًا، ثم أَلْقَى القبضةَ في جوفِه، فإذا هو عِجلٌ له خُوار» وعند النَّسائيُّ: «أنَّه لمَّا أخذ القبضةَ مِن أثرِ الرسول _أي: مِن تربةِ موطِئِ فرسِ الحياة التي كان راكبها جبريلُ لمَّا جاء في غرق فرعون_ فمرَّ بهارون، فقال له: ألا تُلقي ما في يدك؟ فقال: لا أُلقيها حتى تدعوَ الله أن تكونَ ما أُريد، فدعا له، فألقاها وقال: أريدُ أن تكون عِجلًا له جوفٌ يخورُ».
          (فَقَذَفْتُهَا) أي: (فَأَلْقَيْتُهَا) في النار، وفي نسخة: ”فقذفناها فألقيناها“ والضمير لـ «حليِّ القبط» التي كانوا استعاروها منهم حين همُّوا بالخروج من مصر، وقيل: هي ما ألقاه البحر على الساحل بعدَ إغراقهم(16) فأخذوه.
          ({أَلْقَى}) من قوله: {فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}[طه:87] أي: (صَنَعَ) مثلَهم مِن إلقاء ما كان معه(17) من الحلي.
          ({فَنَسِيَ}) أي: (مُوسَى، هُمْ) أي: السامريُّ وأتباعُه (يَقُولُونَهُ) أي: (أَخْطَأَ) موسى (الرَّبَّ) الذي هو العِجل أن يطلبه ههنا، وذهب يطلبُه عند الطور، أو الضميرُ في «نسي» يعود على السامريِّ، فيكونُ مِن كلام الله، أي: فنسي السامريُّ، أي: ترك ما كان عليه من إظهار الإيمان، وفي «آل ملك»(18) وغيره: ”الربُّ“ بالرفع، وسقط من قوله: «{فَنَسِيَ}...» إلى هنا لأبي ذرٍّ(19).
          ({لَّا يَرْجِعُ}) في قوله تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} ({ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}[طه:89]) أي: (العِجْلُ) أي: إنَّه لا يرجعُ إليهم كلامًا ولا يَرُدُّ عليهم جوابًا سقطت «لا» من(20) قوله: {لَّا يَرْجِعُ} لأبي ذرٍّ(21).
          ({هَمْسًا}) في قوله تعالى: {وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا}[طه:108] هو (حِسُّ الأَقْدَامِ) أي: وقعُها على(22) الأرض، ومنه: همستِ الإبلُ: إذا سُمع ذلك مِن وقعِ أخفافِها على الأرض، قال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .                      فَهُنَّ(23) يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا
وفُسِّر هنا بِخَفق أقدامهم ونقلِها إلى المحشر، وقيل: هو تحريكُ الشفتين من غير نُطقٍ، والاستثناء مفرَّغ.
          ({حَشَرْتَنِي أَعْمَى}) قال مجاهدٌ فيما وصله الفِريابيُّ أي: (عَنْ حُجَّتِي) وهو نصبٌ على الحال ({وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}[طه:125]) أي: (فِي الدُّنْيَا) بحُجَّتي؛ يريد: أنَّه كانت له حُجَّةٌ بزعمه في الدنيا، فلمَّا كُوشِفَ بأمر الآخرة بَطَلَتْ، ولم يهتد إلى حُجَّةِ حقٍّ.
          (قَاْلَ ابْنُ عبَّاسٍ) في قوله تعالى: ({ بِقَبَسٍ}[طه:10]: ضَلُّوا) أي: موسى وأهله(24) (الطَّرِيقَ) في سيرهم لمصر(25) (وَكَانُوا شَاتِينَ) في ليلةٍ مظلمة مثلجة، ونزلوا منزلًا بين شعاب وجبال، وولد له ابنٌ، وتفرَّقت‼ ماشيتُه، وجعل يقدَح بزندٍ معه ليُوريَ، فجعلَ لا يخرُج منه شررٌ، فرأى مِن جانب الطور نارًا (فَقَالَ) لأهلِه: امكثوا إنِّي أبصرتُ نارًا (إِنْ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِا مِنْ يَهْدِي الطَّرِيقَ آتِكْمْ بِنَارٍ تُوقِدُونَ) وفي نسخة لأبي ذرٍّ(26): ”تَدفَؤون“ بفتح الفوقيَّة والفاء بدل «توقدون»، وقوله في الآية: {لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}[النمل:7] يدُّلُ على البرد، و{بِقَبَسٍ} على وجود الظلام {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} على أنَّه قد تاه عنِ الطريق، وقولُ ابن عبَّاسٍ هذا ثابتٌ هنا على هامش الفرع كأصله، مخرَّجٌ له بعدَ قوله: «في الدنيا» في رواية أبي ذرٍّ.
          (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيانُ، ممَّا هو في «تفسيره» في قوله: ({أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً}[طه:104]) أي: (أَعْدَلُهُمْ) أي: رأيًا أو عملًا، وسقط لغير أبي ذرٍّ «طريقة».
          (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق عليِّ بن أبي طلحةَ في قوله تعالى: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا} ({هَضْمًا}[طه:112]) أي: (لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ) ولفظ ابن أبي حاتم: لا يخاف ابنُ آدم يوم القيامة أن يظلم فيزداد في سيئاته، ولا يهضم فينقص من حسناته.
          ({عِوَجًا}[طه:107]) أي: (وَادِيًا، {وَلَا (27) أَمْتًا}) أي: (رَابِيَةً) قاله ابن عبَّاس فيما وصله ابن أبي حاتم، وسقط لغير أبي ذرٍّ لفظ «ولا» من قوله: {وَلَا أَمْتًا}.
          ({سِيرَتَهَا}) في قوله تعالى: {سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[طه:21] أي: (حَالَتَهَا) وهيئتَها (الأُولَى) وهي «فِعْلَة» مِنَ السير، تُجوِّزَ بها للطريقة، وانتصابِها على نزع الخافض.
          ({النُّهَى}) في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى}[طه:128] أي: (التُّقَى) وقال في «الأنوار»: لذوي العقول الناهية عنِ اتباع الباطل وارتكاب القبائح، جمع نُهية.
          ({ضَنكًا}) / في قوله تعالى: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}[طه:124] (الشَّقَاءُ) قاله ابن عبَّاسٍ فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق عليِّ بن أبي طلحةَ عنه، وصحَّحَ ابنُ حِبَّان من حديث أبي هريرة مرفوعًا: {مَعِيشَةً ضَنكًا} قال: «عذاب القبر» وقال في «الأنوار»: {ضَنكًا} ضيِّقًا، مصدرٌ وَصِفَ به، ولذلك يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث.
          ({هَوَى}) في قوله: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى}[طه:81] قال ابنُ عبَّاسٍ فيما وصله ابنُ أبي حاتم أي: (شَقِيَ) وقال القاضي: فقد تردَّى وهَلَكَ، وقيل: وقع في الهاوية، والأوَّلُ شاملٌ لها.
          (بِالوَادِي المُقَدَّسِ) أي: (المُبَارَكِ) ولغير أبي ذرٍّ: ”المُقَدَّسُ المُبَارَكُ“ مع إسقاط ”بالوادي“(28) ({طُوًى}[طه:12]) بالتنوين، وبه قرأ ابنُ عامرٍ والكوفيُّون(29) (اسْمُ الوَادِي) ولأبي ذرٍّ: ”اسمُ(30) واد“، وهو بدل مِنَ «الوادي» أو عطفُ بيانٍ له(31)، أو مرفوعٌ على إضمارِ مبتدأٍ، أو منصوبٌ بإضمارِ «أعني».
          ({بِمَلْكِنَا}) بكسر الميم في قوله تعالى: {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا}[طه:87] وهي قراءةُ أبي عمرٍو وابنِ كثيرٍ وابنِ عامرٍ، أي: (بِأَمْرِنَا) وعاصمٌ ونافعٌ بفتحِها، وحمزةُ والكِسائيُّ بضمِّها، وثلاثتها في الأصل(32) لغاتٌ في مصدرٍ: «مَلَكْتُ الشيءَ».
          ({مَكَانًا سُوًى}) في قوله: {لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى}[طه:58] معناه: (مَنْصَفٌ) تستوي مسافتُه (بَيْنَهُمْ) قال في «الأنوار»: وانتصاب {مَكَانًا} بفعلٍ دلَّ عليه المصدر لا به؛ فإنَّه موصوفٌ، وسقط لأبي ذرٍّ قوله: «{بِمَلْكِنَا}‼...» إلى آخره.
          ({يَبَسًا}) في قوله: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}[طه:77] أي: (يَابِسًا) صفة لـ {طَرِيقًا}(33) وُصِفَ به لِمَا يَؤُولُ إليه؛ لأنَّه لم يكن يبسًا بعد، إنَّما مرَّت عليه الصَّبَا فجفَّفَتْه(34) كما ذُكِر(35)، وقيل: هو في الأصل مصدرٌ وُصِفَ به الواحد(36) مبالغةً، أو على حذف مضاف، أو جمع «يابس» كـ «خادم» و«خدم»، وصف به الواحدُ مبالغةً.
          ({عَلَى قَدَرٍ}) في قوله: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}[طه:40] أي: (مَوْعِدٍ) قدَّرتُه لِأَنْ أُكلمَكَ وأستنبئَكَ غير مستقدم ولا مستأخر، قال أبو البقاء: وهو متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِن فاعلِ {جِئْتَ} أي: جئتَ موافقًا لِمَا قُدِّرَ لك، قال في «الدر»: وهو تفسير معنًى، والتفسيرُ الصِّناعيُّ: ثم جئتَ مستقِرًّا أو كائنًا على مقدارٍ معيَّن، كقوله:
نَالَ الخِلَافةَ أَوْ جَاءتْ لَهُ قَدَرًاجاء الخلافة أو كانت له قدرًا                     . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . انتهى. وفي غير (د): «على قدرٍ». '>(37)                     كَمَا أَتى ربّهَ مُوسَى عَلَى قَدَرِ
({لَا تَنِيَا}) في قوله تعالى: { وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}[طه:42] أي: (لا تَضْعُفَا) قاله قتادة فيما وصله عبدُ بنُ حُميدٍ، وقال غيره: لا تَفْتُرا، يقال: وَنَى يَنِي وَنْيًا، كوَعَدَ يَعِدُ وَعْدًا: إذا فَتَرَ.
          ({يَفْرُطَ}) في قوله تعالى: { إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا}[طه:45] قال أبو عبيدةَ: (عُقُوبَةً) أي: يتقدَّم بالعقوبة ولا يصبر إلى تمام الدعوة وإظهار المعجزة، وسقط «يفرط عقوبة» لغير أبي ذرٍّ.


[1] في (د): «مما في».
[2] زيد في (م): «و»، و«ولأبي ذرٍّ بدل ابن جبير»: سقط من (د).
[3] «ابن»: ليس في (ب).
[4] في (ص): «وقف».
[5] «{ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ}»: مثبتٌ من (د) و(م).
[6] قوله: «وسقط هذا لغير أبي ذرٍّ»: سقط من (د) و(م).
[7] قوله: «وهذا ساقطٌ لأبي ذرٍّ»: سقط من (د).
[8] في (ب) و(س): «متعلق».
[9] «قال»: ليس في (ب) و(س).
[10] «وهذا ساقطٌ لأبي ذرٍّ»: سقط من (د).
[11] في (د): «بقوله»، وفي (ب): «يقال».
[12] في (ب) و(س): «إن غلب هذان».
[13] في (د): «لها»، و(م): «بها».
[14] زيد في (د)، و(م): «وفي نسخة: «الحلي» بالرفع؛ أي: هي الحلي».
[15] «وهي الحلي»: ليس في (د) و(م).
[16] في (د): «أن أغرقهم».
[17] «معه»: ليس في (ب).
[18] نسخة من الصحيح عاد إليها القسطلَّاني في أكثر من موضع لعلها تعود للأمير سيف الدين الحاج آل ملك (ت:747هـ)، والله تعالى أعلم.
[19] قوله: «وفي آل ملك وغيره: الربُّ بالرفع، وسقط من قوله: {فَنَسِيَ}... إلى هنا لأبي ذرٍّ»، سقط من (م).
[20] في (ص): «في».
[21] «وسقطت لا من قوله لا يرجع لأبي ذرٍّ»: سقط من (د) و(م).
[22] «على»: ليس في (د).
[23] في (د): «وهن»، وفي (ص) و(ل) و(م): «وهي».
[24] «أي موسى وأهله»: سقط من (د) و(م).
[25] «في سيرهم لمصر»: سقط من (د)، وزيد فيها وفي (م): «وصله مجاهد عن الفريابيِّ».
[26] «لأبي ذرٍّ»: سقط من (د) و(م).
[27] «ولا»: ليس في (د).
[28] قوله: «ولغير أبي ذرٍّ: المُقَدَّس المبارك مع إسقاط بالوادي»، سقط من (د).
[29] «الكوفيون»: ليس في (د).
[30] «اسم»: ليس في (د).
[31] «له»: ليس في (د).
[32] قوله: «بضمها وثلاثتها في الأصل» بدله في (د): «بكسرها»، والعبارة في (ص): «والكسائي بكسرها، والذي في «البيضاوي»: ضمها».
[33] في (ب): «لطريقنا».
[34] في (ص): «فخففته».
[35] في (د): «مرَّ ذلك».
[36] «الواحد»: مثبتٌ من (د) و(م).
[37] قال الشيخ قطة ☼ : هكذا هنا، وروي أيضًا:
جاء الخلافة أو كانت له قدرًا                     . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
انتهى. وفي غير (د): «على قدرٍ».