إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}

          ░24▒ (باب) ذكر قوله تعالى: ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}) مصدر صام يصوم صيامًا، الأصل: صُوَامًا، فأُبدِلت الواو ياءً، والصَّوم لغةً: الإمساك، وشرعًا: الإمساك عن المفطرات الثَّلاث _الأكل والشُّرب والجماع_ نهارًا مع النِّيَّة ({كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}) قيل: موضعه نصبُ نعتِ مصدرٍ محذوفٍ، أي: كُتِبَ كَتْبًا، وقيل: كاف(1) «كما» في موضع نصبٍ على النَّعت؛ تقديره: كتابًا كما، أو صومًا كما، أو على الحال؛ كأنَّ الكلام: كُتِب عليكم الصِّيام مشبهًا ما(2) كُتِب على الذين من قبلكم(3)، والمعنى _كما قيل_: صومكم كصومهم في عدد الأيَّام، كما رُوي: أنَّ رمضان كُتِب على النَّصارى، فوقع في بردٍ أو حرٍّ شديدٍ، فحوَّلوه إلى الرَّبيع، وزادوا عليه عشرين يومًا(4) كفَّارةً لتحويله، فالتَّشبيه حقيقَةٌ، وروى ابن أبي حاتمٍ من حديث ابن عمر مرفوعًا بإسنادٍ فيه مجهولٌ: «صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم» أو المراد مطلق الصِّيام دون وقته وقدره، فالتَّشبيه واقعٌ على نفس(5) الصَّوم فقط، وكان الصَّوم على آدم ╕ أيَّام البيض، وعلى قوم موسى عاشوراء، فالتَّشبيه(6) لا يقتضي التَّسوية من كلِّ وجهٍ ({لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183]) لأنَّ الصَّوم فيه تزكيةٌ للبدن، وتضييقٌ لمسالك الشَّيطان.


[1] «كاف»: ليس في (ب).
[2] في (ب) و(د): «بما».
[3] قوله: « وقيل: كاف كما في موضع... كُتِب على الذين من قبلكم »، جاء في (د) بعد قوله: «فالتّشبيه حقيقةٌ».
[4] «يومًا»: مثبتٌ من (س) و(ص).
[5] «نفس»: ليس في (د).
[6] في (د): «إذ التشبيه»، وفي (ص): «والتَّشبيه».