الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا يفترش ذراعيه في السجود

          ░141▒ (بَابٌ: لَا يَفْتَرِشُ) بالرفع / في ((اليونينية)) وفرعها على النَّفي، لكنَّه بمعنى النَّهي، ويجوز الجزمُ على أنَّ: ((لا)) ناهية؛ أي: لا يبسطُ المصلِّي (ذِرَاعَيْهِ) أي: ساعديهِ على الأرضِ ويتَّكئ عليهمَا (فِي السُّجُودِ) كافتراشِ السَّبع.
          قال ابنُ المنيِّر: أخذ لفظ التَّرجمة من حديثِ أبي حميدٍ، والمعنَى من حديثِ أنسٍ، وأراد أنَّ الافتراشَ المذكور في حديثِ أبي حميدٍ بمعنى البسطِ في حديثِ أنسٍ.
          واستظهر في ((الفتح)) أنَّه أشارَ بها إلى روايةِ أبي داود، فإنَّه أخرجَ حديث البابِ بلفظ: ((ولا يفترشُ)) وإلى ما رواهُ أحمدُ والتِّرمذي وابن خزيمةَ عن جابرٍ نحوه بلفظ: ((إذا سجدَ أحدكُم فليعتدل، ولا يفترشَ ذراعيهِ))، الحديث، ولمسلمٍ عن عائشةَ نحوه ولفظه: ((نهَى أن يفرشَ الرَّجل ذراعيهِ افتراش السَّبع)).
          وقال ابنُ الملقِّن: روى التِّرمذي محسَّناً من حديثِ جابرٍ: ((لا يفترشُ ذراعيهِ افتراشَ الكلبِ)).
          وبالسند:(وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ) أي: السَّاعدي ☺ في حديثهِ الآتي بعد ثلاثةِ أبوابٍ مطوَّلاً (سَجَدَ النَّبِيُّ صلعم وَوَضَعَ يَدَيْهِ) أي: على الأرضِ (غَيْرَ مُفْتَرِشٍ) أي: لهما (وَلَا قَابِضِهِمَا) بالجر، بل وضعَ كفَّيه على الأرضِ باسطاً لهما، ورفعَ ساعديه عنها وجافاهمَا ومرفقيهِ عن جنبيهِ، وهو السُّنَّة في حقِّ الرِّجال، وهذا تسميهُ الفقهاء بالتَّخوية.
          وقال الخطَّابي: وضعُ اليدين في السُّجود غير مفترشٍ: هو أن يضعَ كفَّيه على الأرضِ، ويقل ساعديهِ ولا يضعهمَا على الأرضِ، ويريد بقولهِ: ((ولا قابضهمَا)): أنَّه يبسط كفَّيه مدًّا، ولا يقبضهمَا بأن يضمَّ أصابعهمَا، ويحتمل أن يريدَ بذلكَ ضمَّ السَّاعدينِ والعضدينِ فيلصقهما ببطنهِ، لكن يجافي مرفقيهِ عن جنبيهِ.