الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها

          ░95▒ (بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ) أي: فرضيَّة قراءة الفاتحة لا مطلقاً لما سيأتي في الحديث (لِلإِمَامِ وَالمَأْمُومِ) ولذا لا تكفي قراءةُ الإمام عن قراءةِ المأموم، كما هو مذهبُ الشَّافعي كما يأتي تفصيله.
          قال في ((الفتح)): ولم يذكر المنفردَ؛ لأن حكمهُ حكم الإمامِ.
          (فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا) وفي أكثر الأصول الصَّحيحة: <في الصلاة> بالإفراد.
          وقوله: (فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَمَا يُجْهَرُ فِيهَا وَمَا يُخَافَتُ) أي: فيها، ببناء الفعلين للفاعل أو المفعول بيان للصَّلوات كلها.
          وقال الكرماني: ((يُخافَت)) بلفظ المجهول، من المخافتة، وهي إسرارُ المنطقِ، وخفت الصَّوت: سكوتُهُ.
          وقال في ((الفتح)): ((ما يُجهر فيها وما يُخافت)) هو بضم أول كل منهما على البناء للمجهول، وتقدير الكلام: ما يُجهرُ به وما يُخافتُ به؛ لأنه لازمٌ، فلا يُبنى منه للمفعول.
          قال ابن رشيد: ((وما يجهر)) معطوف على ((في الصلوات)) لا على ((القراءة))، انتهى.
          وأقول: هو معطوفٌ على ((الحضر)) أو ((السفر))، فتدبَّر.
          وقال في ((الفتح)): وذكر السَّفر لئلا يتخيل أنه يترخَّص فيه بترك القراءة، كما رخَّصَ فيه بحذف بعض الركعاتِ، وذكرُ المخافتةِ بعد الجهرِ إشارةٌ إلى أن الوجُوب لا يختصُّ بالسريَّة، بل يكون في الجهريَّةِ خلافاً لمن فرق في المأمومِ بينهما، وخلافاً لمن لم يجوِّز فيهما، وسيأتي تفصيلُ المذاهبِ في ذلك.