الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: هل يخرج من المسجد لعلة؟

          ░24▒ (باب: هَلْ يَخْرُجُ) أي: الشَّخص (مِنَ الْمَسْجِدِ) أي: بعد إقامةِ الصَّلاة أو الأذانِ (لِعِلَّةٍ) أي: لسببٍ كحدثٍ ومرضٍ و((هل)) بمعنى: قد، فإنه يجوز أن يخرجَ منه للعلَّة، وعليه جرى شيخ الإسلامِ، ويحتمل أنَّها للاستفهام، وجوابه أنَّه يخرج كما يدلُّ له حديثَ البابِ، ولعلَّه أورده بهذه الصِّيغة لما في حديثِ مسلمٍ وغيره ممَّا يُنافيه ظاهراً، وكأنَّه أشار به كما في ((الفتح)) إلى تخصيصِ ما روى مسلم وأبو داود وغيرهما من طريقِ أبي الشَّعثاء عن أبي هريرةَ: أنَّه رأى رجلاً خرج من المسجدِ بعد أن أذَّن المؤذِّن، فقال: أمَّا هذا فقد عصَى أبا القاسم صلعم.
          فإنَّ حديث الباب دالٌّ على أنَّه مخصوصٌ بغيرِ من له ضَرورة كجنبٍ ومحدثٍ وراعفٍ وحاقنٍ وإمامٍ لمسجدٍ آخر، ومثل حديثُ الباب بل أصرحُ ما روى الطَّبرانيُّ في ((الأوسط)) عن أبي هريرة مرفوعاً مصرِّحاً فيه بالتَّخصيص بلفظ: ((لا يسمعُ النِّداء في مسجدي، ثمَّ يخرجُ منه إلَّا لحاجةٍ، ثمَّ لا يرجعُ إليهِ إلَّا منافقٌ)).