الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الإقامة واحدة إلا قوله: قد قامت الصلاة

          ░3▒ (باب) بالتنوين وعدمه (الإِقَامَةُ وَاحِدَةٌ) أي: الألفاظ المخصُوصة التي تقام بها الصَّلاة واحدة واحدة (إِلاَّ قَوْلَهُ) أي: المقيم للصَّلاة (قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ) أي: فإنَّها مكرَّرة مرَّتين.
          ففي التَّرجمة إشارة إلى الرَّدِّ على من قال: إنَّها واحدة أيضاً كمالك، وعلى من قال: إنَّ الإقامة كلها مثنى مثنى كأبي حنيفة، وتقدَّم الجواب عنهما قريباً.
          ولم يكرِّر المصنِّف في التَّرجمة واحدة مراعاةً للحديث الوارد في ذلك، وهو ما رواه ابن حبَّان من حديث ابن عمر بلفظ: ((الأذان مثنى مثنى، والإقامة واحدةٌ)).
          وروى الدَّارقطني حديثاً لأبي محذورة وحسَّنه: ((وأمره أن يقيمَ واحدة واحدة))، قاله في ((الفتح)).
          فقول ابن المنيِّر: خالف البخاري في التَّرجمة لفظ الحديث فعدَلَ عنه إلى واحدةٍ؛ لأن لفظَ الوتر غير منحَصرٍ في المرَّة، فعدلَ عن لفظ فيه الاشتراك إلى ما لا اشتراكَ فيه، انتهى.
          مرادُهُ لفظ حديث الباب في قوله: ((وأن يوترَ الإقامة))، لكن البُخاري مرماهُ دقيقٌ فأشار فيها إلى الحديث الذي ذكرناه كما هو عادتُه الغالبة، وانتصارُ العينيُّ لابن المنيِّر بقوله: الذي قاله ابن المنيِّر هو الأوجَه من وضعِ ترجمة لحديث لم يوردْهُ، انتهى.
          لا يخفَى ما فيه إذ المدارُ على المطابقة في المعنى طابق في اللَّفظ أو لا، بل صنيع المصنِّف أحسن؛ لأنه يكون قد ذكر حديثين، فتدبَّر.