الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: يبدى ضبعيه ويجافى في السجود

          ░130▒ (بَابٌ) بالتنوين (يُبْدِي) أي: الرَّجل المصلِّي بها (ضَبْعَيْهِ) و((يُبْدي)) بضم التحتية وسكون الموحدة، من الإبداءِ، وهو الإظهارُ. وفي ((المغرب)): إبداء الضَّبعين: تفريجهمَا.
          وقال صاحب ((الهداية)): و((يُبدي ضبعيهِ)) لقوله صلعم: ((وابد ضَبعيكَ)) ويروى: ((وأبد)) من الإبدادِ، وهو المد. انتهى.
          واعترضه العينيُّ فقال: هذا الحديثُ لم يرو هكذا مرفوعاً، وقد بيَّناه في ((شرحنَا للهدايةِ))، وقوله: ((وأبد)): ليس له أصل، ولا وجودَ في كتبِ الحديث. انتهى.
          و((ضَبْعيه)): بفتح الضاد المعجمة وسكون الموحدة، تثنية ضبعٍ كذلك، وجوَّز بعضهم ضم الباء، وهو العضد، وقيل: الإبط. وعن الأصمعيِّ: الضَّبع: ما بين الإبطِ إلى نصفِ العضد من أعلى، وقيل: لحمةٌ تحت الإبطِ، وقيل: البطن.
          (وَيُجَافِي) أي: يباعدُ بطنه (فِي السُّجُودِ) ومثله الرُّكوع، والحديثُ شاملٌ لهما، وانظر حكمةَ اقتصار المصنِّف على السُّجود مع عدمِ إفراد الرُّكوع بترجمةٍ، فمفعول: ((يجافي)) محذوف قدَّره بما ذكر العينيُّ، ويحتمل تقديره بضَبعيه، فيجافي: عطفُ تفسيرٍ على ((يبدي)).
          نعم، لو فسَّر ((ضبعيه)) بمرفقيه مجازاً للمجاورةِ لكان تقدير مفعول ((يجافي)) ببطنهِ، ولا يكون عطف ((يجافي)) للتَّفسير، فتدبَّر.
          وخرج بالرَّجل المقدَّر المرأة والخنثى؛ فإنَّ المطلوب في حقِّهما الضم وعدم التَّفريج؛ لأنَّه أستر لهما وأحوطُ. وهذه التَّرجمة كالآتية بحديثيهمَا سقطتا من بعضِ النُّسخ.
          قال الكرمانيُّ: لأنَّهما سبقا بحديثيهمَا عند استقبالِ القبلةِ، مع الكلامِ عليهما، فلا نكرره.
          وسلَّم له الحافظ التقدُّم، لكن قال: الصَّواب إثباتهما هنا.
          وقال العينيُّ: لم يذكر هناكَ إلَّا الأوَّل، فالصَّواب: ذكرهما هنا.
          وأقول: لا وجهَ لذكر هاتينِ التَّرجمتين هناك، وأمَّا الحديثانِ فلهما مناسبةٌ في الموضعينِ، فافهم.