الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب صلاة الليل

          ░81▒ (بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ) لم تقعْ هذه التَّرجمة لغير المستملي.
          قيل: ولا وجه لذكرها؛ لأنَّ الأبواب هنا في الصُّفوف وإقامتها، وصلاة الليل بخصوصها أفرد لها المصنف باباً، ولذا لم يعرج عليها أكثرُ الشُّرَّاح ولا ذكرهُ الإسماعيلي.
          وقال العينيُّ: وتكلَّف بعضهم فذكر مناسبةً لذكر هذه التَّرجمة هنا، فقال: لما كان المصلِّي الذي بينه وبين إمامه حائلٌ من جدارٍ ونحوه قد يظنُّ أنه / يمنع من إقامة الصَّفِّ ذكر هذه الترجمة بما فيها دفعاً لذلك.
          وقال في ((الفتح)): وتكلف ابن رشيدٍ توجيهها: أنَّ من صلى بالليل مأموماً كانت فيه مشابهة بمن صلَّى وراء حائلٍ، وأبعد منه من قال: يريد: أن من صلَّى بالليل مأموماً في الظلمة كان كمن صلَّى وراء حائطٍ.
          قال فيه: ثمَّ ظهر لي احتمال أنَّ المراد: صلاة الليل جماعةً، فحذف جماعة، والذي يأتي في أبواب التهجد إنما هو حكمُ صلاة اللَّيل وكيفيتها في عددِ الرَّكعات وفي المسجد أو البيت أو نحو ذلك، انتهى.
          وأقول: ما ظهرَ له قد يفيدهُ كلام ابن رشيدٍ وغيره لمن تأمَّل، إلا أن يريد: ظهرَ لي؛ أي: من كلام من ذكر.
          وقد أبدى في ((الفتح)): أيضا اعتذاراً فقال: وكأنَّ النُّسخة وقع فيها تكريرُ لفظ: ((صلاة الليل))، وهي الجملةُ التي في آخر الحديثِ قبله، فظنَّ الرَّاوي أنها ترجمةٌ مستقلَّةٌ، فصدرها بلفظ: ((باب))، انتهى.
          وأقول: لا يخفى أنَّه أبعد من كلامِ غيره، والأصل: عدم الزيادة والتكرار، فتدبَّر، والعجبُ أنَّ العيني لم يعترضهُ.