الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة فخرج فصلى

          ░60▒ (بَابٌ: إِذَا طَوَّلَ) بتشديد الواو (الإِمَامُ) أي: في صلاتهِ (وَكَانَ لِلرَّجُلِ) أي: المأموم (حَاجَةٌ، فَخَرَجَ وَصَلَّى) بالواو لغير الكُشميهني، وله: بالفاء، على ما في ((الفتح))، ونسب القسطلاني الفاء لغيرِ ابن عساكر والحموي والمستملي. وجواب ((إذا)) محذوف يقدَّر بنحو: صحَّت صلاته.
          والغرضُ من هذه التَّرجمة: جواز قطع القدوة في أثناء الصَّلاة، وفي التي قبلها: جواز الاقتداءِ في أثنائها، ولم يبت الحكمَ للخلاف في ذلك، كما يأتي.
          ووقع لابن رجب في النُّسخ التي شرح عليها في الترجمة هكذا: ((فخرج ولم يصل))، ثمَّ قال: ولم نقفْ في شيءٍ من الروايات على أنَّ الرجل قطع صلاتهُ وخرج من المسجدِ ولم يصلِّ، كما بوَّب عليه البخاري، وفي بعض النسخ: <فخرج فصلى>، وهي أصحُّ، انتهى.
          وقوله: ((فخرج)) يحتمل من القدوة، أو من الصَّلاة رأساً، أو من المسجدِ إلى منزله فصلَّى فيه.
          واستظهرهُ ابن رشيدٍ لظاهرِ قوله في الحديث: ((فانصرَفَ الرَّجُل))، قال: وكان سببُ ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للَّذي رآهُ يُصلِّي: ((أصلاتانِ معاً)).
          وردَّه في ((الفتح)): بأن في روايةٍ للنَّسائي: فانصرف الرَّجل فصلَّى في ناحية المسجد، وهذا يحتملُ أن يكون قطع الصَّلاة، أو القدوة، لكن في مسلم: فانحرفَ رجلٌ فسلم ثمَّ صلى وحده، وهذه تؤيِّدُ أنه خرجَ من الصَّلاة، لكن بالسَّلام.