الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب القراءة في الفجر

          ░104▒ (بَابُ القِرَاءَةِ فِي الفَجْرِ) وهذه التَّرجمة شاملةٌ لبيان أصل القراءة، ولبيان المقدارِ، وفي الباب ما يصلحُ للأمرين، فافهم (وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَرَأَ النَّبِيُّ صلعم بِالطُّورِ) أي: في الصَّلاةِ، وهذا التَّعليق وصله المصنِّف في الحج، وعلَّقه في الباب الآتي بلفظ: طفتُ وراء النَّاس ((والنَّبي صلعم يصلِّي ويقرأُ بالطُّور))، وليس فيه بيان أن الصَّلاة كانت الصُّبح، لكن تبيَّن ذلك من روايةٍ أخرى أوردها المصنِّف بعد ستة أبوابٍ بلفظ: ((إذا أقيمت الصَّلاة للصبحِ فطوفي)) الحديث، وهكذا رواهُ الإسماعيلي.
          وأمَّا ما رواه ابن خُزيمة في هذا الحديث، وفيه، قالت: ((وهو يقرأُ في العشَاء الآخرة)) فشاذٌّ، قاله في ((الفتح)).
          ثم قال: وعرفَ بهذا اندفاعُ الاعتراضِ الذي حكاهُ ابنُ التِّين عن بعض المالكيَّة حيث أنكر أن تكون المذكورةُ صلاة الصبح، فقال: ليس في الحديث بيانها، والأولى أن تحملَ على النَّافلة؛ لأن الطَّواف يمتنعُ إذا كان الإمامُ في صلاة الفريضَة، انتهى.
          قال: وهو ردٌّ للحديثِ الصَّحيح بغير حجَّةٍ، بل يستفادُ من الحديثِ التَّفصيلُ، وهو أن الطَّائف إن كان بحيث يمرُّ بين يدي المصلِّين فيمتنع، كما قال، وإلا فيجوزُ وحال أمِّ سلمة كان الطَّواف من وراء الصُّفوف.
          والمراد ببعض المالكيَّةِ هو ابنُ عبد البر.