الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره

          ░11▒ (باب: أَذَانِ الأَعْمَى) أي: جوازهِ (إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ) أي: بالوقتِ فلا محذورَ حينئذٍ، وعلى هذا القيد يحملُ ما روى ابنُ أبي شيبةَ وابن المنذر عن ابنِ مسعود وابنِ الزُّبير وغيرهما أنَّهم كرهُوا أن يكون المؤذِّن أعمَى؛ لأنَّ معرفةَ الوقت في الأصلِ مبنيَّة على المشَاهدة، وحمله البيهقيُّ على الانفرادِ وهو مذهبنا بخلافِ ما إذا كان معه ثقةٌ بصِيرٌ يخبرهِ فلا كراهةَ، وكذلك أذان / المحدِث ولو جنباً صحيحٌ، لكنَّه مكروهٌ وفي الإقامةِ منه أشد.
          وما نقله النَّووي عن أبي حنيفة وداود: أنَّ أذانَ الأعمَى لا يصحُّ، تعقَّبه فيه السُّروجي بأنه غلطٌ على أبي حنيفة، ففي ((الذَّخيرة)) و((البدائع)) وغيرهما: غيره أحبُّ، نعم ذكر في ((المحيط)): أنَّه يكرهُ.
          وأقول: لعلَّه رواية عن أبي حنيفة، أو يحملُ على ما إذا هجَم من غيرِ إخبار من ثقةٍ فلا تغليظَ، وإن كان هذا الحكمُ لا يختصُّ بالأعمى، ولا بأبِي حنيفة، فتدبَّر.