الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إذا صلى ثم أم قومًا

          ░66▒ (بَابٌ إِذَا صَلَّى) أي: الرَّجلُ مع الإمام (ثُمَّ أَمَّ قَوْماً) أي: صلَّى بهم إماماً، وجواب ((إذا)) محذوف؛ أي: يجوزُ ذلك، أو صحَّت صلاتهُ وصلاتهم.
          وجرى _كما قال ابنُ المنير وغيره_ على عادتهِ من عدم الجزمِ بالحكم إذا كان مختلفاً فيه، ومثلهُ ما لو صلَّى منفرداً ثم صلَّى إماماً، فإنَّ من منع في الأول منع في الثَّاني، لما فيه من اقتداءِ المفترض بالمتنفِّل، وتقدَّم في الأبواب السَّابقة قريباً بيانُ الخلاف في ذلك، وأنَّ ميلَ البخاريِّ إلى الجواز كمذهب الشَّافعيِّ وكثيرين، ومنهم أحمد في المشهورِ عنه، وخالفَ في ذلك الحنفيَّة والمالكيَّة، وتقدَّم الكلامُ في ذلك مستوفًى، فراجعه.
          ومما لم / يتقدَّم ما نقلهُ ابن الملقِّن عن مالكٍ: أنَّ من صلَّى بقومٍ وقد صلَّى يعيدون أبداً.
          وقال سحنون: يعيدون بعد اليومينِ والثلاثة، وإن طالَ فلا، قال: لاختلافِ الصَّحابة في ذلك، وأن من أجاز الصَّلاة خلف الصَّبيِّ صحح الفرض خلفَ النفل ومنعه بعضهم؛ لأنَّ الصَّبيَّ ينوي الفرضية بخلاف غيره، انتهى.
          وقد استوفى الكلامَ على ذلك هنا ابن رجبٍ، وابن الملقِّن وهو أولى مما سلكهُ الشارحون، وإن تبعناهم.