الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

          ░55▒ (بَابٌ: إِذَا لَمْ يُتِمَّ الإِمَامُ) أي: الصَّلاة، بل قصَّر فيها، وتقدير القسطلاني: قصرها، لعلَّه بتضمين نقصها أو بالتشديد، وإلَّا فليس المرادُ هنا القصر.
          (وَأَتَمَّ مَنْ خَلْفَهُ) أي: من المقتدينَ معطوفٌ على: ((لم يتم))، وجواب ((إذا)) محذوف تقديره: لا يضرُّهم ذلك، مثلاً كما يدلُّ له حديثُ الباب وغيره، فالتَّرجمة للإشارةِ إلى جهة ذلك. وإن أوهم قولَ ((الفتح)): تخصيصَه بغيره، فتدبَّر، ولابن عساكر: <أتم> بلا واو، فهو الجواب.
          وقولُ العيني: ترك البخاريُّ الجواب ليشملَ المذهبين إلا أنَّ حديث الباب يدلُّ على أنَّ جوابَه لا يضرُّ، لا يأتي إلا على روايةِ الأكثر، ولو قال: لم يفصِحْ بالحكم للخِلَاف فيه، لكان أولى.
          فمذهَبُ الشَّافعيَّة والمالكيَّة والحنابلة: أنَّ تقصيرَ الإمام في صلاتهِ لا يضرُّ المقتدين إلا في بعضِ صورٍ مستثناة، ومذهبُ الحنفيَّة: أنَّ صلاة الإمام متضمِّنة لصلاةِ المأموم صحَّةً وفساداً.
          وثمرةُ الخلاف تظهرُ في نحو ما إذا ظهر الإمامُ محدثاً ولو أكبر، فإنَّه لا يعيدُ عند الأولين دون الآخرين.
          ومنها: أنَّ قراءة الإمام لا تنوبُ عن قراءةِ المأموم.
          ومنها: أنَّه يجوز اقتداءُ المفترضِ بالمتنفِّل وبمن يصلِّي فرْضاً آخر.
          ومنها: جوازُ اقتداء القائمِ بالمومئِ.
          ومنها: أنَّ المقتدِي يقول: سمعَ الله لمنْ حمدَه، كالإمام.
          قال العينيُّ: وعندنا الحكمُ بالعكس في كلها، ودليلنا ما رواهُ الحاكم عن سهلٍ، الحديث الآتي، انتهى.
          وهو مفصَّلٌ في الفروع.