الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة

          ░91▒ (بَابُ رَفْعِ البَصَرِ) أي: بصرِ المأموم (إِلَى الإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ) يعني: جوازَ نظرهِ إليه، سواءٌ إلى لحيتهِ أو غيرها، حيث احتيجَ إلى نظرهِ، كأن ركعَ أو لا؟ فهو صَادقٌ بالمكروهِ وبغيره.
          وقال ابنُ المنير: نظرُ المأمومِ إلى الإمامِ من مقاصدِ الائتِمامِ، فإذا تمكَّنَ من مراقبتهِ بغير التفاتٍ كان ذلك من إصلاحِ صلاتهِ.
          وقال ابنُ بطَّال: في الحديث حُجَّة لمالك في أنَّ نظر المصلِّي يكون إلى جهةِ القبلَةِ، وقال الشَّافعيُّ والكوفيُّون: يستحبُّ له أن ينظرَ إلى موضعِ سُجُوده؛ لأنَّه أقربُ إلى الخشوعِ، ووردَ في ذلك حديثٌ أخرجه سعيد بن منصور من مرسلِ ابن سيرين ورجاله ثقاتٌ، وأخرجهُ البيهقيُّ موصولاً وقال: المرسلُ هو المحفوظ.
          واستثني حال التَّشهُّد فإنه ينظرُ إلى مسبحته عند قوله: إلا الله؛ لحديثٍ صحيحٍ فيه.
          قال في ((الفتح)): ويمكن أن يفرَّق بين المأمومِ والإمام، فيستحبُّ للإمام النَّظرُ إلى موضعِ سجودِهِ، وكذا المأمومُ حيث لا يحتاجُ إلى مراقبة إمامه، والمنفردُ كالإمام.
          وقال ابن رجبٍ: وقد يقال: يختصُّ هذا بالصَّلاة خلف النَّبي صلعم لما يترتَّب على ذلك من معرفةِ أحواله فيُقتدى به.
          (وَقَالَتْ عَائِشَةُ) ♦، هذا التَّعليق طرفُ حديثٍ وصله المؤلِّف فيما يأتي في: باب: إذا انفلتت الدَّابَّة (قَالَ النَّبِيُّ صلعم فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ: فَرَأَيْتُ) بالفاء عطفاً على ما تقدمه في الحديث، قاله الكرمانيُّ، ولأبوي ذرٍّ والوقت وابن عساكر: <رأيت> بحذفها؛ / أي: أبصرتُ (جَهَنَّمَ) أجارَنا الله منها (يَحْطِمُ) بفتح التحتية وكسر الطاء المهملة وسكون الحاء.
          قال البرماويُّ: أي: يكسرُ أو يأكُلُ، والحطمة: من أسماء النَّار؛ لأنها تحطِّم ما تلقَى.
          وفي ((القاموس)): الحَطْمُ: الكسرُ أو خاصٌّ باليابسِ، حطَمَهُ يحْطِمُه وحَطَّمَه فانحطَمَ وتحطَّمَ، والحِطْمَةُ _بالكسر_ وكثُمامَةٍ: ما تحطَّمَ من ذلك، وكغرابٍ: ما تكسَّرَ من اليَبس، ومن البَيْضِ: قِشْرُه، انتهى.
          (بَعْضُهَا) فاعل: ((يحطم)) (بَعْضَاً) مفعوله (حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ) وفيه المطابقةُ للتَّرجمة.