الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب يطول في الركعة الأولى

          ░110▒ (بَابٌ: يُطَّوِل) أي: المصلِّي (فِي الرُّكْعَةِ الأُوْلَى) أي: بقراءةِ السُّورة فيها في جميعِ الصَّلوات.
          قال في ((الفتح)): وهو ظاهرُ الحديث المذكورِ في البابِ، وعن أبي حنيفة: يطوِّل في أولى الصُّبح خاصَّة، وقال البيهقيُّ في الجمْعِ بين أحاديث المسألة: يطوِّل في الأولى إن كان ينتظرُ أحداً، وإلا فيسوِّي بين الأوليين، وروى عبد الرَّزاق نحوه، عن ابن جُريج عن عطاء قال: إني لأحبُّ أن يطوِّل الإمامُ الأولى من كلِّ صَلاة حتى يكثر الناس، فإذا صلَّيت لنفْسِي فإني أحرصُ على أن أجعلَ الأوليين سواء.
          وذهبَ بعضُ الأئمة إلى استحباب تطويلِ الأولى من الصُّبح دائماً، وأمَّا غيرها فإن / كان يترجَّى كثرةَ المأمومين ويبادرُ هو أول الوقت فينتظرُ، وإلا فلا، وذكر في حكمةِ اختصَاص الصُّبح بذلك: أنها تكون عقبَ النوم والراحة، وفي ذلك يُواطئ السمع واللِّسان القلب لفراغهِ وعدم تمكنِ الاشتغال بأمورِ المعاشِ وغيرها منه، والعلم عند الله تعالى. انتهى.
          وأقولُ: الراجحُ في مذهبنا ومذهبِ الأكثر: أنه يُسَن تطويلُ الأولى على الثَّانية في سائرِ الصَّلوات، لا فرق بين الصُّبح وغيرها، ولا بين أن يرجو كثرة المصلِّين أو لا، وما نقله عن أبي حنيفة من أن تطويل الأولى خاص بالصُّبح، ومثله ما نقله ابنُ الملقِّن عن أبي حنيفَةَ وأبي يوسفَ: من أنَّ ركعتي الفجر سواء، وقدَّمناه في باب القراءة في العشاء، ولم يتعرض لذلك العينيُّ هنا.
          وقال في ((الملتقى وشرحه)) للعلائي: وتطال الرَّكعة الأولى على الثَّانية بقدر الثلث في الفجرِ فقط؛ لأنَّه وقت نوم، وقال محمَّد: تطال الأولى في الكلِّ، قال في ((المعراج)): وعليه الفتوى، وضعَّفه المؤلف، ويُكره إجماعاً إطالة الثانية بثلاثِ آياتٍ لا بأقلَّ، وحرَّر المصنِّف اعتبار فحشِ الطُّول لأعداد الآيات لتفَاوتها. انتهى.