الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا يكف شعرًا

          ░137▒ (بَابٌ: لَا يَكُفُّ) بضم الفاء كما في فرع ((اليونينية)) كأصلها، وهو ما في روايةِ الحافظ ابن حجرٍ، قال: وهو الرَّاجح، ويجوز الفتح؛ أي: تخفيفاً.
          وقال الدَّمامينيُّ _كالبرماويِّ_: بفتح الفاء عند المحدِّثين، وضمها عند المحقِّقين من النَّحويين، ويجوز الكسر أيضاً. والحاصل أنَّه تجوزُ الوجوه الثَّلاثةُ إن جعلت ((لا)) ناهية، والرفع وحده إن جعلت نافية، والمعنى: لَا يجمع المصلِّي (شَعَراً) ولا يفتله.
          قال في ((فتح الباري)): مناسبةُ هذه التَّرجمة لأحكامِ السُّجود من جهة أنَّ الشَّعر يسجدُ مع الرأسِ إذا لم يكفَّ أو يلفَّ، وجاء في حكمةِ النَّهي عن ذلك: أنَّ غرزة الشعر يقعدُ فيها الشَّيطان حالة الصَّلاةِ، ففي ((سنن أبي داود)) بإسنادٍ جيِّدٍ: أنَّ أبا رافع رأى الحسن بن عليٍّ يصلِّي قد غرز ضفيرتهُ في قفاه، فحلَّها وقال: سمعت رسولَ الله صلعم يقول: ((ذلكَ مقعدُ الشَّيطان)).
          ورواه ابنُ الملقِّن بلفظ: ((ذلكَ كفل الشَّيطان أو مقعدهُ))، قال: يعني مغرزَ ضفيرتِه.
          وفي أفرادِ مسلمٍ: عن ابن عبَّاسٍ: أنَّه رأى عبد الله بن الحارثِ يصلِّي ورأسه معقوصٌ، فقام من ورائهِ فجعلَ / يحلُّها، فلمَّا انصرف أقبل على ابن عبَّاس فقال: ما لكَ ورأسي؟ فقال: إنِّي سمعت رسولَ الله صلعم يقول: ((إنَّما مثل هَذا مثل الذي يصلِّي وهو مكتوفٌ)).