الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إذا زار الإمام قومًا فأمهم

          ░50▒ (بَابٌ: إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوماً فَأَمَّهُمْ) / أي: في الصَّلاة بطلبهِم منه، قيل: أشارَ بهذه التَّرجمة إلى أنَّ حديث مالكِ بن الحويرث الذي أخرجهُ أبو داودَ والترمذي وحسَّنه مرفوعاً: ((مَن زارَ قوماً فلا يَؤُمَّهم، وليؤُمَّهُم رجلٌ منهم))، محمولٌ على مَن عدا الإمامِ الأعظم.
          وقال ابنُ المنير: مرادهُ: أنَّ الإمام الأعظم ومن يجري مجراهُ إذا حضر بمكان مملوكٍ لا يتقدَّم عليه مالك الدَّار أو المنفعة، لكن ينبغي للمالك أن يأذنَ له ليجمعَ بين الحقَّين: حقِّ الإمامِ في التقدُّم، وحقِّ المالك في منع التَّصرُّف بغيرِ إذنهِ.
          وقال في ((الفتح)): ويحتمل أنَّهُ أشار إلى ما في حديثِ ابن مسعودٍ المتقدم: ((ولا يَؤُم الرَّجُلُ الرَّجُلَ في سلطانِهِ، ولا يجلسُ على تكرمتهِ إلَّا بإذنه)) فإنَّ مالك الشَّيء سلطانٌ عليه، والإمامُ الأعظمُ سلطانٌ على المالك، وقوله: ((إلا بإذنه)) يحتملُ عودهُ على الإمَامةِ والجلوس، وبذلك جزمَ أحمدُ كما حكاهُ الترمذي عنه، فيحصلُ بالإذن مراعاةُ الجانبين.