الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب حد المريض أن يشهد الجماعة

          ░39▒ (بَابُ حَدِّ المَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ) أي: باب بيان ما يحدُّ للمريضِ في شُهودِ الجمَاعة، فإذا جاوز ذلك الحدَّ لا يستحبُّ له شهودُ الجمَاعةِ، قاله ابن رشيد.
          ثمَّ قال: مناسبتهُ من الحديث: خروجهُ عليه الصَّلاة والسَّلام متوكِّئاً على غيره من شدَّةِ الضَّعف، كأنَّه يشيرُ إلى أنَّ من بلغ تلك الحالة لا يستحبُّ له تكلُّفُ الخروجِ للجماعة، إلَّا إن وجد من يتوكَّأ عليه، وأنَّ قوله في الحديث المارِّ: ((لأتوهما ولو حَبْواً)) وقعَ على طريقِ المبَالغَة، ويمكن أن معناه: باب الحدِّ الذي ينبغِي للمريضِ أن يأخذ فيه بالعزيمة في شهودِ الجماعة، انتهى.
          فالجار المقدَّر قبل: ((أن يشهد)) في، وجعله العيني اللام.
          والحَد _بفتح الحاء المهملة_ وهي روايةُ الأكثر، ومعناهُ ما ذكر، وقيل: معناهُ: الحدَّةُ والحرصُ على شهودِ الجمَاعة، ورواهُ الأقلُّ بالجيم، ومعناهُ: اجتهادُ المريضِ بشُهودِ الجمَاعة.
          وقال ابن التِّين تبعاً لابن بطَّال: الحدُّ هنا: الحدَّةُ، والمرادُ به: الحضُّ على شهودِ الجمَاعة، ونقلهُ الكسائيُّ كقول عمر في أبي بكرٍ: كنتُ أداري منه بعض الحدِّ.
          ثمَّ قال ابن التِّين: ويصحُّ أن يقال هنا: جِد _بكسر الجيم_ لكن لم أسمعْ أحداً رواهُ بالجيم.
          قال في ((فتح الباري)): قد أثبت ابنُ قرقول روايةَ الجيم، وعزاها للقابسيِّ.