الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

          ░43▒ (بَابٌ: إِذَا دُعِيَ) بالبناء للمفعول (الإِمَامُ إِلَى الصَّلَاةِ) وجملة: (وَبِيَدِهِ مَا يَأْكُلُ) حالية، و((ما)) نكرة موصُوفة أو موصُول اسمِي أو حرْفي.
          قال في ((الفتح)): قيل: أشارَ بهذا إلى أنَّ الأمر الذي في الباب قبله للنَّدب لا للوجوب، وقدمنا قولَ من فصل بين ما إذا أقيمت الصَّلاةُ قبل الشُّروع في الأكل أو بعده، فيحتملُ أنَّ المصنف يرى التَّفصيل، ويحتملُ تقييده في التَّرجمة بالإمام؛ لأنَّه يرى تخصيصهُ به، وأمَّا غيره من المأمومين فالأمر متوجِّهٌ إليهم مطلقاً، ويؤيِّده: ما سبق من حديث: ((إذا وضع عشاء أحدكم)) ثمَّ قال: ويعكر على من استدلَّ به على أنَّ الأمر قبله للنَّدب احتمال أن يكون اتَّفق له في تلك الحالة أنَّه قضى حاجتهُ من الأكل، فلا تتمُّ الدَّلالة به.
          وقال ابن المنير: لعلَّه صلعم أخذ في خاصَّةِ نفسه بالعزيمة، فقدَّم الصَّلاة على الطَّعامِ، وأمر غيرهُ بالرُّخصةِ؛ لأنَّه لا يقوى على مدافعة الشَّهوة قوته، وأيُّكم يملك إربه؟ ولعلَّ حكمة عدم جزمه بالحكمِ لما وقع من الاختلاف في المرادِ منها كما ذكرناهُ آنفاً.
          والظَّاهرُ: أنَّ جواب ((إذا)) مقدر بنحو: ألقى ما بيدهِ وقامَ إلى الصَّلاةِ جماعةً، لا بما قدَّره شيخُ الإسلام من قوله: لم يحتجْ إلى وضوءٍ، لعدمِ مناسبتهِ للمقام، وإن كان في الحديثِ ما يدلُّ عليه، فافهم.