إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك

          4482- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ) بضمِّ الحاء وفتح السِّين، القرشيِّ النَّوفليِّ الكوفيِّ أنَّه(1) قال: (حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ) بضمِّ الجيم وفتح الموحَّدة، ابن مطعمٍ القرشيُّ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: قَالَ اللهُ) تعالى: (كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ) بتشديد الذَّال المعجمة، من التَّكذيب؛ وهو نسبة المتكلِّم إلى أنَّ خبره خلاف الواقع، والمراد: البعض من بني آدم (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) ولأبي ذرٍّ: ”ولم يكن ذلك له“ بالتَّقديم والتَّأخير (وَشَتَمَنِي) من الشَّتم؛ وهو توصيف الشَّخص بما هو(2) إزراءٌ ونقصٌ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) التَّكذيب والشَّتم (فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ؛ فَزَعَمَ أَنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ) ووقع في رواية الأعرج في «سورة الإخلاص» [خ¦4974]: «وليس أوَّل الخلق بأهون عليَّ من إعادته» (وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ؛ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ) وإنَّما كان شتمًا لِمَا فيه من التَّنقيص؛ لأنَّ الولد إنَّما يكون عن والدة(3) تحمله ثمَّ تضعه، ويستلزم ذلك سبق النِّكاح، والنَّاكح(4) يستدعي باعثًا له على ذلك، والله تعالى منزَّه عن ذلك (فَسُبْحَانِي) أي: تنزَّهت (أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا!) «أن»: مصدريَّةٌ، أي: من اتِّخاذي الزَّوجة والولد، لمَّا كان البارئ سبحانه وتعالى واجب الوجود لذاته، قديمًا موجودًا قبل وجود الأشياء، وكان كلُّ مولودٍ(5) مُحْدثًا؛ انتفت عنه الوالديَّة، ولمَّا كان لا يشبهه أحدٌ من خلقه، ولا يجانسه حتى يكون له من جنسه صاحبةٌ فيتوالد؛ انتفت عنه الولديَّة، ومن هذا قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ}[الأنعام:101


[1] «أنَّه»: ليس في (د).
[2] في (ب) و(س): «فيه».
[3] في غير (ب) و(س): «والد»، والمثبت هو الصَّواب.
[4] في (د): «والنَّكاح» وكلاهما صحيحٌ.
[5] في (م): «موجود».