شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب فرض مواقيت الحج والعمرة

          ░5▒ بَاب: فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
          فيه: زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ: (أَنَّهُ أَتَى عبدَ اللهِ(1) بْنَ عُمَرَ في مَنْزِلِهِ، وَلَهُ فُسْطَاطٌ أو سُرَادِقٌ(2)، فَسَأَلهُ مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ: فَرَضَهَا رَسُولُ اللهِ صلعم لأهْلِ نَجْدٍ(3) قَرْنًا، وَلأهْلِ(4) الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأهْلِ الشَّأْمِ الْجُحْفَةَ). [خ¦1522]
          أجمع أئمَّة الفتوى أنَّ المواقيت في الحجِّ والعمرة سنَّة واجبة، وقالوا: هي توسعةٌ ورخصةٌ يتمتَّع المرء بحلِّها(5) حتَّى يبلغها، ولا أعلم أحدًا قال: إنَّ المواقيت من فروض الحجِّ.
          وقول ابن عمر: (فَرَضَها رَسُولُ الله صلعم) يريد وقَّتها وبيَّنها، وهذا الباب ردٌّ(6) على عطاء والنَّخعيِّ والحسن، فإنَّهم زعموا أنَّه لا شيء على من ترك الميقات ولم يُحْرم وهو يريد(7) الحجَّ والعمرة، وهذا شذوذٌ من القول، وقال مالك وأبو حنيفة والشَّافعيُّ: إنَّه يرجع من مكَّة إلى الميقات، واختلفوا إذا رجع هل عليه دم أم لا؟
          فقال مالك، ورواية عن الثَّوريِّ: لا يسقط عنه الدَّم برجوعه إليه محرمًا، وهو قول ابن المبارك.
          وقال أبو حنيفة: إن رجع إليه فلبَّى فلا دم عليه، وإن لم يلبِّ فعليه الدَّم، وقال الثَّوريُّ وأبو يوسف ومحمَّد والشَّافعيُّ: لا دم عليه إذا رجع إلى الميقات بعد إحرامه على كلِّ وجهٍ.


[1] قوله: ((عبد الله)) ليس في (م).
[2] في (م): ((وسرادق)).
[3] في (م): ((نجدًا)).
[4] في (م): ((ولا)).
[5] في (م): ((بحله)).
[6] في (م): ((يرد)).
[7] في (م): ((مريد)).