شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما لا يلبس المحرم من الثياب

          ░21▒ باب: مَا(1) يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: لا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلا الْعَمَائِمَ وَلا السَّرَاوِيلاتِ وَلا الْبَرَانِسَ وَلا الْخِفَافَ إِلا أَحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ، وَلا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ زعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ). [خ¦1542]
          كلُّ ما ذكر في هذا الحديث فمجمعٌ عليه أنَّه لا يلبسه المحرم، ويدخل في معنى ما ذكر من القمص والسَّراويلات المخيط كلُّه، فلا يجوز لباس شيءٍ منه عند جميع الأمَّة.
          وأجمعوا أنَّ المراد بالخطاب المذكور في اللِّباس في هذا الحديث الرِّجال دون النِّساء، وأنَّه لا بأس بلباس المخيط والخفاف للنِّساء، وأجمعوا أنَّ إحرام الرَّجل(2) رأسه، وأنَّه ليس له أن يغطِّيه لنهي رسول الله صلعم عن لبس البرانس والعمائم، وعند مالك إحرام الرَّجل في رأسه ووجهه، واختلفوا في تخمير وجهه، وسنذكره بعد هذا إن شاء الله، [خ¦1545] ونذكر اختلافهم في من لبس خفِّين(3) غير مقطوعين وهو غير واجدٍ للنَّعلين، أو من لبسهما مقطوعين وهو واجدٌ للنَّعلين في آخر كتاب الحج إن شاء الله(4). [خ¦1842]
          وأجمعت الأمَّة على أنَّ المحرم لا يلبس ثوبًا مسَّه ورس أو زعفران(5)، والوَرس نبات باليمن صبغه بين الحمرة والصُّفرة ورائحته طيِّبة، فإن غُسل ذلك الثَّوب حتَّى يذهب منه ريح الورس أو الزَّعفران فلا بأس به عند جميعهم، وكرهه مالك للمحرم إلَّا ألَّا يجد غيره.
          وقال أبو عبد الله بن أبي صُفرة: قوله: (وَلَا تَلبِسوا شَيئًا(6) مَسَّه زَعفَرَانٌ أو وَرسٌ) دليل أنَّ قول عائشة: ((طيَّبتُ رسولَ اللهِ صلعم لِإحرَامِهِ)) خصوص له لأنَّه تطيَّب ونهى(7) عن الطِّيب في هذا الحديث، وإنَّما اختصَّ بذلك لأنَّ الطِّيب من دواعي الجماع، وهو أملك لإربه، كما نهى المحرم عن عقد(8) النِّكاح، وعقد هو نكاح ميمونة وهو محرم لأنَّه أملك لإربه.


[1] في (م): ((ما لا)).
[2] زاد في (م): ((في)).
[3] قوله: ((لمباشرته الملائكة بالوحي وغيره......... ونذكر اختلافهم في من لبس خفِّين)) الورقة ليست في المخطوط (ص).
[4] قوله: ((ونذكر اختلافهم في من لبس.... كتاب الحج إن شاء الله)) ليس في (م).
[5] في (م): ((زعفران أو روس)).
[6] في (م): ((ولا تلبس أشياء)).
[7] في (م): ((ونهينا)).
[8] قوله: ((عقد)) زيادة من (م)، وليس في (ص).