شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى

          ░141▒ باب: رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الدُّنْيَا وَالْوُسْطَى
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (أنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ على إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ(1)، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ ذَاتَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي، وَلا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَقُولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم يَفْعَلُ). [خ¦1752]
          وترجم له باب: الدُّعاء عندَ الجمرتينِ.
          الجمرة الدُّنيا: هي الجمرة الأولى من أوَّل أيَّام التَّشريق، وهنَّ ثلاث جمرات في كلِّ يوم من الثَّلاثة الأيَّام جمرة، فالجمرة الأولى مسجد منى، والوسطى عند العقبة الأولى بقرب مسجد منى أيضًا، يرميها ويقف طويلًا ويدعو، ويرمي الثَّالثة عند العقبة حيث رمى يوم النَّحر، يرميها ولا يقف على ما ثبت في الحديث، وروى الثَّوريُّ، عن عاصم الأحول، عن أبي مِجْلَز قال: كان ابن عمر يشبر ظلَّه ثلاثة أشبار، ثمَّ يرمي، وقام عند الجمرتين قدر سورة يوسف. وقال عطاء: كان ابن عمر يقف عندها بمقدار ما يقرأ سورة البقرة.
          قال ابن المنذر: ولعلَّه قد وقف مرَّتين كما قال أبو مِجْلَز، وكما قال عطاء، ولا يكون اختلافًا / وكان ابن عبَّاس يقف بقدر قراءة سورة من المائتين، ولا توقيف في ذلك عند العلماء، وإنَّما هو ذكر ودعاء، فإن لم يقف ولم يدع فلا حرج عليه عند أكثر العلماء إلَّا الثَّوريَّ؛ فإنَّه استحبَّ أن يطعم شيئًا أو يهريق دمًا، والسُّنَّة أن يرفع يديه في الدُّعاء عند الجمرتين، قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدًا أنكر ذلك غير مالك؛ فإنَّ ابن القاسم حكى عنه أنَّه لم يكن يعرف رفع اليدين هنالك، قال ابن المنذر: واتِّباع السُّنَّة أفضل.


[1] صورتها في (ص): ((فيبتهل)) وفي الموضع الثاني: ((قيستهل)) والمثبت من المطبوع.