شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الحج على الرحل

          ░3▒ باب: الْحَجِّ على الرَّحْلِ.
          وقالت عَائِشَةُ: (إنَّ النَّبيَّ صلعم بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عبد الرَّحْمَنِ(1)، فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَحَمَلَهَا على قَتَبٍ). [خ¦1516]
          وَقَالَ عُمَرُ: شُدُّوا الرِّحَالَ في الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ.
          وَحَجَّ أَنَسٌ على رَحْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا، وَحَدَّثَ (أَنَّ النَّبيَّ صلعم حَجَّ على رَحْلٍ، وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ).
          فيه: عَائِشَةُ أَنَّهَا قَالَتْ: (يَا رَسُولَ اللهِ، اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ، فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، فَأَحْقَبَهَا على نَاقَةٍ، فَاعْتَمَرَتْ). [خ¦1518]
          في هذا الباب: فضل الحجِّ على الرَّواحل، قال ابن المنذر: اختلف(2) العلماء هل المشي في الحجِّ أفضل أم(3) الرُّكوب؟ فقال مالك: الرُّكوب أحبُّ إليَّ من المشي، وبه قال الشَّافعيُّ لأنَّ النَّبيَّ صلعم حجَّ راكبًا، ولفضل النَّفقة في الحجِّ، ولأنَّه إذا كان مستريحًا كان أقوى له على الدُّعاء والابتهال والتَّضرُّع، وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه، أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: ((النَّفقةُ في الحجِّ كالنَّفقةِ في سبيلِ اللهِ سبعمائةُ ضِعفٍ)). وكان حسين بن عليٍّ يمشي في الحجِّ، وفعل ذلك ابن جُريج والثَّوريُّ، وقال إسحاق: المشي أفضل، وهو محجوجٌ بفعل النَّبيِّ ◙.


[1] قوله: ((عبد الرحمن)) ليس في (م).
[2] في (م): ((واختلف)).
[3] في (م): ((أو)).