شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التكبير عند الركن

          ░62▒ باب: التَّكْبِيرِ عِنْدَ الرُّكْنِ.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ(1): (طَافَ النَّبيُّ صلعم بِالْبَيْتِ على بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ). [خ¦1613]
          قد(2) تقدَّم أنَّ التَّكبير عند الرُّكن دون استلام(3) لا يفعل اختيارًا، وإنَّما يُفعل لضرر(4) مرض أو زحام النَّاس عند الحجر. [خ¦1607]
          واختلفوا في الطَّواف راكبًا أو محمولًا، فقال الشَافعيُّ: لا أحبُّ لمن أطاق الطَّواف ماشيًا أن يركب، فإن طاف راكبًا أو محمولًا من عذر أو غيره فلا دم عليه، واحتجَّ بحديث ابن عبَّاس هذا أنَّ النَّبيَّ صلعم طاف على راحلته(5)، وبما رواه ابن جُريج عن أبي(6) الزُّبير، عن جابرٍ: ((أنَّ النَّبيَّ صلعم طافَ في حجَّةِ الوداعِ بالبيتِ وبينَ الصَّفا والمروةِ على راحلتِهِ ليراهُ النَّاس، وليشرفَ عليهم(7) وليسألوهُ لأنَّ النَاسَ غَشَوْهُ)).
          وذهب مالك واللَّيث وأبو حنيفة إلى أنَّ من طاف بالبيت راكبًا أو محمولًا فإن كان من عذرٍ أجزأه، وإن كان من غير عذرٍ فعليه أن يعيد إن كان بمكَّة، وإن رجع إلى بلاده فعليه دمٌ، وحجَّتهم ما رواه أبو داود قال: حدَّثنا مُسَدَّد: حدَّثنا خالد بن عبد الله: حدَّثنا يزيد بن أبي زيادٍ، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاسٍ: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلعم قدمَ مكَّةَ وهوَ يشتكي، فطافَ على راحلتِهِ، كلَّما أتى الرُّكنَ استلمَهُ بمحجنٍ، فلمَّا فرغَ مِنْ طوافِهِ أناخَ فصلَّى)). قالوا: فدلَّ أنَّ طوافه راكبًا كان لشكوى كان به.


[1] قوله ((قال)) ليس في (م).
[2] في (م): ((وقد)).
[3] في (م): ((الاستلام)).
[4] في (م): ((لعذر)).
[5] زاد في (م): ((يستلم الركن بمحجنه)).
[6] في (ز) و(ص): ((ابن)) والمثبت من (م).
[7] في (م): ((لهم)).