شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما جاء في زمزم

          ░76▒ باب: مَا جَاءَ في زَمْزَمَ.
          فيه: أَبُو ذَرٍّ: قَالَ(1) صلعم: (فُرِجَ سَقْفِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا في صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَعَرَجَ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) الحديثَ. [خ¦1636]
          وفيه: ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ(2): (سَقَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم مِنْ زَمْزَمَ، فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ. فَحَلَفَ عِكْرِمَةُ مَا كَانَ يَوْمَئِذٍ إِلَّا على بَعِيرٍ). [خ¦1637]
          قال المُهَلَّب: فيه أنَّ شرب ماء زمزم من سنن الحجِّ لفضله وبركته، وقد قال ابن عبَّاس: إنَّ ماء زمزم لما شُرب له، وقال مجاهدٌ: إن شربته تريد الشِّفاء شفاك الله، وإن شربته تريد أن تقطع ظمأك قطعه الله(3)، وإن شربته تريد أن يشبعك أشبعك الله(4)، وهي(5) هَزْمَة جبريل، وسقيا الله إسماعيل.
          وقال وهب بن منبِّه: تجدها في كتاب الله(6)، شراب الأبرار، وطعام(7) طُعْم، وشفاء(8) سُقْم، ولا تُنْزَحُ(9) ولا تُذَمُّ، من(10) شرب منها حتَّى يتضلَّع أحدثت له شفاء، وأخرجت منه داء.
          وروى ابن جُريج عن نافع عن(11) ابن عمر أنَّه كان لا يشرب منها في الحجِّ، ومعنى ذلك أنَّه كان قد(12) شرب منه ولم يواظب على شربه لئلَّا يظنَّ به أنَّه كان(13) يرى(14) شربه من الفرض اللَّازم(15)، ولا يجوز أن يتأوَّل عليه أنَّه ترك شيئًا فعله النَّبيُّ ◙ لأنَّه لم يكن أحدٌ أتبع منه(16) لآثار رسول الله صلعم(17).
          قال(18) ابن عبَّاسٍ: ينبغي أن يأخذ الدَّلو، ويستقبل القبلة، ويدعو(19) الله، ثمَّ يشرب ويتنفَّس ثلاث مرَّاتٍ، ويتضلَّع منها، فإنِّي سمعت رسول الله صلعم يقول: ((إنَّ آيةَ ما بينَنَا وبينَ المنافقينَ أنَّهم لَا يتضلَّعونَ مِنْ زمزمَ)).
          قال(20) معمر عن الزُّهريِّ: إنَّ عبد المطَّلب لمَّا أنبط ماء زمزم بنى عليها(21) حوضًا، فطفق هو وابنه الحارث ينزعان، فيملآن ذلك الحوض فيشرب فيه الحاجُّ، فيكسره أناسٌ من حسدة قريش باللَّيل، ويصلحه عبد المطَّلب حين(22) يصبح، فلمَّا أكثروا إفساده دعا عبد المطَّلب ربَّه، فأُري في المنام فقيل له: قل: اللَّهُمَّ إنِّي لا أحلُّها لمغتسلٍ، ولكن هي لشاربٍ حِلٌّ وبِلٌّ، ثمَّ كفيتهم(23). فقام فنادى بالَّذي أُري فلم يكن أحدٌ يفسد عليه حوضه باللَّيل إلَّا رُمي بداء في جسده، ثمَّ تركوا له حوضه وسقايته، قال سفيان: حِلٌّ بِلٌّ محَلٌّ(24).


[1] زاد في (م): ((النبي)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[3] قوله: ((الله)) ليس في (م).
[4] قوله: ((الله)) ليس في (م).
[5] في (م) و(ص): ((هي)).
[6] زاد في (م): ((يعني زمزم)).
[7] في (م): ((طعام)).
[8] زاد في (م): ((من)).
[9] في (م): ((لا تنزع)).
[10] في (م): ((ومن)).
[11] قوله: ((نافع عن)) ليس في (ز) و(ص) وهو مثبت من (م).
[12] في (م): ((أنه قد كان)).
[13] قوله: ((كان)) ليس في (م).
[14] قوله: ((يرى)) ليس في (ص).
[15] في (م): ((من الفرائض اللازمة)).
[16] قوله: ((منه)) ليس في (م).
[17] زاد في (م): ((من ابن عمر)).
[18] في (م): ((وقال)).
[19] في (م): ((ويسمي)).
[20] في (م): ((وقال)).
[21] في (م): ((عليه)).
[22] في (م) صورتها: ((حتى)).
[23] في (م): ((كفتهم)).
[24] في (م): ((بل حل محلل)).