شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة

          ░70▒ باب: مَنْ لَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ وَلَمْ يَطُفْ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَاتٍ(1) وَيَرْجِعَ بَعْدَ الطَّوَافِ الأوَّلِ(2).
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (قَدِمَ النَّبيُّ صلعم مَكَّةَ فَطَافَ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ بَعْدَ طَوَافِهِ بِهَا، حَتَّى رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ). [خ¦1625]
          قال المُهَلَّب: معنى قوله: (مَنْ لَمْ يَقْرَبِ الْكَعْبَةَ) يريد من لم يطف طوافًا آخر تطوُّعًا غير طواف الورود لأنَّ الحاجَّ لا طواف عليه غير طواف الورود حتَّى يخرج إلى عرفات وينصرف ويرمي جمرة العقبة، وكذلك يطوف طواف الإفاضة الَّذي هو الفرض، وهذا(3) معنى حديث ابن عبَّاس، وهو اختيار مالك(4) لا ينتفل بطواف بعد طواف الورود حتَّى يتمَّ حجَّه، وقد جعل الله في ذلك توسعة، فمن أراد أن يطوف بعد طواف الورود فله ما شاء من ذلك ليلًا ونهارًا، ولا(5) سيَّما إن كان من أقاصي البلدان، ومن لا عهد له بالطَّواف بالبيت فقد قال مالك: إنَّ الطَّواف بالبيت أفضل من صلاة النَّافلة لمن كان من أهل البلاد البعيدة لقلَّة وجود السَّبيل إلى البيت.
          ورُوي عن عطاء والحسن قالا: إذا أقام الغريب بمكَّة أربعين يومًا كانت الصَّلاة أفضل له من الطَّواف، وقال أنس: الصَّلاة للغرباء أفضل.


[1] في (م): ((عرفة)).
[2] قوله ((الأول)) ليس في (م).
[3] في (م): ((هذا)).
[4] زاد في (م): ((أن)).
[5] في (م): ((لا)).