شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الصلاة في الكعبة

          ░52▒ باب: الصَّلاةِ في الْكَعْبَةِ.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ الْوَجْهِ حِينَ يَدْخُلها، وَيَجْعَلُ الْبَابَ خَلفَ ظَّهْرِه(1)، يَمْشِي حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثةِ(2) أَذْرُعٍ، فَيُصَلِّي يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الذي أَخْبَرَهُ بِلالٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم صَلَّى فِيهِ، وَلَيْسَ على أَحَدٍ(3) بَأْسٌ أَنْ يُصَلِّيَ في أي نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ). [خ¦1599]
          وقد(4) تقدَّمت مذاهب العلماء في الصَّلاة في الكعبة في أبواب القبلة في كتاب الصَّلاة في باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى}(5)[البقرة:125] / فأغنى عن إعادته(6). [خ¦395]
          وقال ابن المنذر: اختلف بلال وأسامة في صلاة النَّبيِّ صلعم في الكعبة، فحكم أهل العلم لبلال على أسامة لأنَّه شاهدٌ، وأسامة نافٍ غيرُ شاهدٍ(7)، وكذلك الفضل أيضًا نافٍ، والشَّاهد أولى من النَّافي لأنَّ الشَّاهد يحكي فعلًا حفظَه، والنَّافي غير حافظ لشيء يؤدِّيه، وقد رُوِّينا حديثًا هو كالدَّليل في هذا الباب على أنَّ أسامة(8) كان يغيب عن النَّبيِّ صلعم فيحتمل أن يكون صلَّى في غيبته.
          حدَّثنا عليُّ بن عبد العزيز، حدَّثنا عاصم بن عليٍّ قال: حدَّثني ابن أبي ذئب، عن عبد الرَّحمن بن مِهْرَان(9)، عن عمير مولى ابن عبَّاس، عن أسامة بن زيد قال: ((رأى النَّبيُّ صلعم صورًا في الكعبةِ، قال: فكنتُ آتيهِ بماءٍ في الدَّلوِ ويضربُ(10) به الصُّورَ، وقالَ: قاتلَ اللهُ قومًا يصوِّرونَ ما لا يخلقونَ)). وروى موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنَّ عائشة كانت تقول: ((عَجَبًا لمنْ يَدخُلُ الكعبةَ كيفَ(11) يرفعُ(12) رأسَهُ إعظامًا للهِ وإجلالًا، دخلَ رسولُ الله صلعم الكعبةَ فما خلفَ بصرهِ موضعَ سجودِهِ)).


[1] في (م): ((الباب قبل الظهر)).
[2] في (م): ((ثلاث)).
[3] في (م): ((على أحدنا)).
[4] في (م): ((قد)).
[5] قوله: ((ولابدَّ من ارتفاعه ورجوع حرمتها وأمنها وحجِّ العباد إليها......{وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًى})) الورقة ليست في المخطوط (ص).
[6] في (م): ((إعادة ذلك)).
[7] في (م): ((مشاهد)).
[8] زاد في (م): ((قد)).
[9] في (ص): ((عبد الرحمن بن شهاب)).
[10] في (م): ((يضرب)).
[11] قوله: تقول: ((عجبًا لمن يدخل الكعبة كيف)) زيادة من (م)، وليس في (ص).
[12] صورتها في (ز) و(ص): ((ترفع)).