شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من جمع بينهما ولم يتطوع

          ░96▒ باب: مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَتَطَوَّعْ.
          فيه: ابْنُ عُمَرَ: (جَمَعَ النَّبيُّ صلعم الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلا على إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا). [خ¦1673]
          وفيه: أَبُو أَيُّوبَ: (أَنَّ النَّبيَّ صلعم جَمَعَ بين الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ في حَجَّةِ الْوَدَاعِ). [خ¦1674]
          وروى مالك عن ابن شهاب حديث ابن عمر هذا ولم يذكر فيه أنَّه أقام لكلِّ صلاة، وزاد الإقامة في هذا الحديث عن ابن شهاب: ابنُ أبي ذئب واللَّيثُ، وهما ثقتان حافظان، وزيادة الحافظ مقبولة، وإنَّما لم يتطوَّع بينهما _والله أعلم_ لأنَّه لم يكن بينهما أذان، ففرغ من صلاة المغرب ثمَّ قام إلى العشاء، ولم يكن بينهما مهلة في الوقت يمكن فيها التَّنفُّل، وأمَّا من رأى أن يؤذَّن لكلِّ صلاة، فإنَّه لا يمنع التَّنفُّل لمن أراد، وقد فعل ذلك ابن مسعود، وإن كان قد روى ابن نافع عن مالك أنَّه لا يتنفَّل بين الصَّلاتين عند جمعهما. وكلُّ ذلك واسع لا حرج فيه.
          قال الطَّبريُّ: لأنَّهما صلاتان تصلَّيان لأوقاتهما، ولن يفوت وقتهما للحاجِّ حتَّى يطلع الفجر، وفي هذا الحديث حجَّة للشَّافعيِّ أنَّ صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة إقامة، وكذلك في حديث أسامة حين نزل صلَّى بالشعب إقامةً إقامةً.