-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب [نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة]
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░37▒ باب: قَوْلِ اللهِ تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة:196].
فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ(1) الْحَجِّ، فَقَالَ: أَهَلَّ الْمُهَاجِرُونَ وَالأنْصَارُ وَأَزْوَاجُ الرَّسُولِ(2) صلعم في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: اجْعَلُوا إِهْلالَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ)، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا(3) وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ، وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ، فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا(4) وَالْمَرْوَةِ، فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ كَمَا قَالَ(5) تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ في الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} إلى أَمْصَارِكُمُ، الشَّاةُ تَجْزِي، فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ في عَامٍ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى أَنْزَلَ في كِتَابِهِ وَسُنَّة نَبِيهِ(6) ◙، وَأَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ تعالى(7): {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وَأَشْهُرُ الْحَجِّ الَّتي ذَكَرَ اللهُ(8): شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ، فَمَنْ تَمَتَّعَ في هَذِهِ الأشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ، وَالرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: الْمِرَاءُ. [خ¦1572]
اختلف العلماء: في حاضري المسجد الحرام مَنْ هُمْ؟ فذهب طاوس ومجاهد إلى أنَّهم أهل الحرم، وقالت طائفةٌ: هم أهل مكَّة بعينها، رُوي هذا عن نافع مولى ابن عمر، وعن عبد الرَّحمن الأعرج، وهو قول مالك، قال: هم أهل مكَّة، ذي طوى وشبهها، وأمَّا أهل منى وعرفة والمناهل مثل قُدَيد وعُسْفان ومَرُّ الظَّهران فعليهم الدَّم.
وذهب أبو حنيفة إلى أنَّهم أهلُ المواقيت فمن دونهم إلى مكَّة، وقال مكحول: من كان منزله دون المواقيت إلى مكَّة فهو من حاضري المسجد الحرام، وأمَّا أهل المواقيت فهم كسائر أهل الآفاق، رُوي هذا عن عطاء، وبه قال الشَّافعيُّ بالعراق، وقال الشَافعيُّ: من كان من الحرم على مسافة لا يُقصر في مثلها الصَّلاة(9) فهو من حاضري المسجد الحرام.
قال الطَّحاويُّ: ولمَّا اختلفوا في ذلك نظرنا فوجدنا أصحابنا الكوفيِّين يقولون: لكلِّ من كان من حاضري المسجد الحرام دخول مكَّة بغير إحرامٍ، إذ كانوا قد جعلوا المكان الَّذي هم فيه من أهل مكَّة كمكَّة(10)، واحتجُّوا فيه بما روى مالك عن نافع، عن ابن عمر: أنَّه أقبلّ مِنْ مكَّةَ حتَّى إذا كانَ بقُدَيدٍ بَلغَهُ خبرٌ مِنَ المدينةِ فرجَعَ فدَخلَ مكَّةَ حلالًا، فدلَّ هذا على أنَّ أهل قديد كأهل مكَّة، وقد رُوي عن ابن عبَّاسٍ خلاف هذا، روى عنه عطاء أنَّه كان يقول: لا يدخل أحدٌ مكَّة إلَّا محرمًا، وقال ابن عبَّاسٍ: لَا عمْرةَ على المكِّيِّ إلَّا أن يخرج من الحرم فلا يدخله إلَّا حرامًا وإن خرج قريبًا من مكَّة، فهذا ابن عبَّاسٍ قد منع النَّاس جميعًا من دخول مكَّة بغير إحرامٍ، فدلَّ هذا أنَّ مَن كان من غير أهل مكَّة فهو عنده مخالفٌ لحكم أهل مكَّة، ويدلُّ على صحَّة هذا المعنى قوله ◙: ((إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مكَّةَ يومَ خلقَ السَّمواتِ والأرضَ، ولم(11) تحلَّ لأحدٍ قبلي، ولم تحلَّ لي إلَّا ساعةً مِنْ نهارٍ)). أولا(12) ترى أنَّ رسول الله صلعم قصد بالحرمة إلى مكَّة دون ما سواها، فدلَّ ذلك أنَّ سائر النَّاس سوى أهلها في حرمة دخولهم إيَّاها سواء، فثبت بذلك قول ابن عبَّاسٍ، وفي ثبوت ذلك ما يجب به أنَّ(13) حاضري المسجد الحرام هم(14) أهل مكَّة خاصَّة، كما قال نافع والأعرج، لا كما قال أبو حنيفة وأصحابه.
قال إسماعيل بن إسحاق: ومن الحجَّة لمالك أنَّ حاضري المسجد الحرام أهل القرية الَّتي فيها المسجد الحرام خاصَّة، وليس أهل الحرم كذلك لأنَّه لو كان كذلك لما جاز لأهل مكَّة إذا أرادوا سفرًا أن يقصروا الصَّلاة حتَّى يخرجوا عن الحرم كلِّه، فلمَّا جاز لهم قصر الصَّلاة إذا خرجوا عن(15) بيوت مكَّة دلَّ ذلك على أنَّ حاضري المسجد الحرام هم أهل مكَّة دون الحرم، قاله(16) الأبهريُّ.
قال إسماعيل: وأمَّا قول من قال: من كان أهله دون المواقيت، فإنَّ المواقيت ليس من هذا الباب في شيءٍ لأنَّها لم تجعل للنَّاس لأنَّها حاضرة المسجد، ألا ترى أنَّ بعض المواقيت بينها وبين مكَّة مسيرة ثمان(17) ليالٍ، وبين بعضها وبين مكَّة مسيرة ليلتين، فيكون(18) من كان دون ذي الحليفة إلى مكَّة(19) حاضري المسجد الحرام وبينه وبين مكَّة ثمان ليالٍ، ومن كان منزله من وراء قرن ممَّا يلي نجد ألا يكون من حاضري المسجد الحرام، وإنَّما بينه وبين مكَّة مسيرة ليلتين وبعض أخرى؟! وإنَّما الحاضر للشَّيء من كان معه، فكيف يُجعل من هو أبعد حاضرًا ومن هو أقرب ليس بحاضرٍ؟!
ودليل آخر: وهو قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}[الفتح:25]فهذا يدلُّ أنَّه(20) المسجد الحرام نفسه(21)، وإنَّما صدَّ المشركون النَّبيَّ ◙ عن المسجد وعن البيت، فأمَّا الحرم فقد كان(22) غير ممنوعٍ منه(23) لأنَّ الحديبية تلي الحرم، وهذا قاطع لطاوس ومجاهد.
قال المؤلِّف: وأمَّا(24) قول ابن عبَّاس في التَّمتُّع: فإنَّ الله أنزله في كتابه وسنَّة نبيِّه، وأباحه للنَّاس غير أهل مكَّة، فإنَّ مذهبه أنَّ أهل مكَّة لا متعة لهم، وذلك _والله أعلم_ لأنَّ(25) العمرة لا بدَّ في الإحرام بها من الخروج إلى الحلِّ، ومن كان من أهل مكَّة فهي داره لا يمكنه الخروج منها، وهي ميقاته في الإحرام بالحجِّ، وقد صرَّح بذلك ابن عبَّاسٍ فقال: يا أهل مكَّة، لا متعة لكم، إنَّما يجعل أحدكم بينه وبين أهل(26) مكَّة بطن وادٍ، ويُهِلُّ)).
وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه، قالوا: ليس لأهل مكَّة تمتُّعٌ ولا قرانٌ، فإن فعلوا فعليهم الدَّم، وأوجب ابن الماجِشون الدَّم للقران ولم يوجبه للتَّمتُّع، واعتلَّ ابن الماجِشون بأنَّ القارنَ قارنٌ من حيثما حجَّ، والمتمتِّع إنَّما هو المعتمر من بلده في أشهر الحجِّ المقيم بمكَّة حتَّى يحجَّ، ومن كان من أهلها فهي داره لا يمكنه الخروج منها إلى غير داره، وقد وضع الله ذلك عنه، ولم يذكر القارن.
قال ابن القصَّار: وهذا خطأ لأنَّه إذا جاز التَّمتُّع لأهل مكَّة فقد جاز لهم القِران لأنَّه لا فرق بينهما، واحتجَّ أبو حنيفة بأنَّ الاستثناء عنده في الآية راجع إلى الجملة لا إلى الدَّم، قال: ولو رجع إلى الدَّم لقال: ذلك على من لم يكن أهله، وقول القائل: إنَّ(27) لفلان كذا يفيد نفي الإيجاب عليه، ولهذا لا يُقال: له الصَّلاة والصَّوم، وإنَّما يُقال: عليه الصَّلاة والصَّوم.
قال ابن القصَّار محتجًّا لمالك: قوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ} لفظٌ يقتضي إباحة التَّمتُّع، ثمَّ علَّق عليه حكمًا وهو الهدي، ثمَّ استثنى في آخرها(28) أهل مكَّة، والاستثناء(29) إذا وقع بعد فعل قد علَّق عليه حكمٌ انصَرف إلى الحكم المعلَّق على الفعل لا إلى الفعل نفسه، فأهل مكَّة وغيرهم في إباحة التَّمتُّع الَّذي هو الفعل سواء، والفرق بينهم في الاستثناء يعود إلى الدَّم لأنَّه الحكم المعلَّق على التَّمتُّع(30)، وهذا بمنزلة قوله ◙: ((مَنْ دَخلَ دارَ أبي سفيانَ(31) / فهوَ آمنٌ، ومَنْ دَخلَ منزلَهُ فهوَ آمنٌ))، فلو وصله بقوله: ذلك لمن لم يكن من أهل القَينَتين أو لغير ابن خَطَل لم يكن ذلك الاستثناء عائدًا إلَّا إلى الأمن(32)، لا إلى الدُّخول، ولا يكون سائر النَّاس ممنوعين من دخول منازلهم ومنزل أبي سفيان، بل إن دخلوا فلهم الأمان كلُّهم إلَّا ابن خطل والقَينتين ومن استُثني معهم.
وقوله: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى الْحَجِّ} لو تجرَّد من تمامه لم يعد كقوله: زيد(33) لا يفيد بانفراده حتَّى يخبر عنه بقائمٍ أو قاعدٍ أو غيره، فكذلك قوله: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى الْحَجِّ} لا يفيد شيئًا حتَّى يخبر عن حكمه، وقوله: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} هو الحكم الَّذي به تتمُّ الفائدة.
والفوائد إنَّما هي في الأحكام المعلَّقة على أفعال العباد لا على أسمائهم، ومثله: {فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ. إِلاَّ إِبْلِيسَ}[الحجر:30-31]معناه فإنَّه لم يسجد فلم تكن الفائدة في الاستثناء راجعةً إلَّا إلى نفي السُّجود الَّذي به يتمُّ(34) الكلام.
قال غيره: فإنَّما(35) أوجب الله الدَّم على المتمتِّع غير المكِّيِّ لأنَّه كان عليه أن يأتي مُحْرمًا بالحجِّ من داره في سفر، وبالعمرة في سفرٍ ثان، فلمَّا تمتَّع بإسقاط أحد السَّفرين(36) أوجب الله تعالى عليه الهدي، فكذلك القارن هو في معنى المتمتِّع لإسقاط(37) أحد السفرين، ودلَّت الآية على أنَّ أهل مكَّة بخلاف هذا المعنى لأنَّ إهلالهم بالحجِّ خاصَّةً من مكَّة، ولا خروج لهم إلى الحلِّ للإهلال إلَّا بالعمرة خاصَّةً، فإذا فعلوا ذلك لم(38) يُسْقِطُوا سفرًا لزمهم فلا دم عليهم، ففارقوا سائر النَّاس(39) في هذا، وقد تقدَّم اختلافهم فيمن أحرم من مكَّة بالعمرة ولم يخرج إلى الحلِّ للإحرام في باب مهلِّ أهل مكَّة للحجِّ والعمرة. [خ¦1524]
[1] في (م): ((المتعة)).
[2] في (م): ((النبي)).
[3] في (م): ((والصفا)).
[4] في (م): ((والصفا)).
[5] زاد في (م): ((الله)).
[6] في (م): ((أنزله ف ي كتابه وسنَّهُ نبيه)).
[7] زاد في (م): ((الله تعالى)).
[8] في (م): ((ذكرها الله تعالى)).
[9] في (م): ((لا يقصر فيها الصلاة)).
[10] في (م): ((الذي هم من أهله كمكة)).
[11] في (م): ((لم)).
[12] في (م): ((أفلا)).
[13] في (ز): ((ذلك ما يجزيه))، وفي (م): ((فثبت بذلك قول ابن عباس في أن)) والمثبت من المطبوع.
[14] قوله: ((هم)) ليس في (م).
[15] في (م): ((من)).
[16] في (م): ((وقاله)).
[17] في (م): ((تسع)).
[18] في (م): ((أفيكون)).
[19] زاد في (م): ((من)).
[20] في (م): ((أن)).
[21] في (م): ((بعينه)).
[22] زاد في (م): ((النبي ◙)).
[23] قوله: ((منه)) ليس في (م).
[24] في (م): ((فأما)).
[25] في (م): ((أن)).
[26] قوله: ((أهل)) ليس في (م).
[27] قوله: ((إن)) ليس في (م).
[28] في (م): ((آخره)).
[29] في (م): ((بالاستثناء)).
[30] في (م): ((المتمتع)).
[31] قوله: ((باب: مَنْ لَبَّى بِالْحَجِّ وَسَمَّاهُ.......))وهذا بمنزلة قوله ◙: ((مَنْ دَخلَ دارَ أبي سفيانَ)) الورقة ليست في المخطوط (ص).
[32] في (ز) و(ص): ((الأمر)) والمثبت من (م).
[33] قوله: ((لو تجرَّد من تمامه لم يعد كقوله: زيد)) ليس في (ص).
[34] في (م): ((يتم به)).
[35] في (م): ((وإنما)).
[36] في (م): ((السفرتين)).
[37] في (م): ((لإسقاطه)).
[38] في (م): ((فلم)).
[39] في (م): ((سائر أهل الآفاق)).