شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

          ░133▒ بَاب: هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ وَغَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ أَيَّامَ(1) مِنًى
          فيه: ابْن عُمَرَ: (رَخَّصَ النَّبي صلعم لِلعَبَّاسِ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ). [خ¦1743] [خ¦1744] [خ¦1745]
          قال ابن المنذر: السُّنَّة أن يبيت النَّاس بمنى ليالي أيَّام التَّشريق إلَّا من أرخص له رسول الله في ذلك؛ فإنَّه أرخص للعبَّاس أن يبيت بمكَّة من أجل سقايته، وأرخص لرعاء الإبل، وأرخص لمن أراد التَّعجيل أن ينفر في النَّفر الأوَّل.
          واختلف الفقهاء فيمن بات ليلةً بمكَّة من غير من رُخِّصَ له، فقال مالك: عليه دم.
          وقال الشَّافعيُّ: إن بات ليلة أطعم عنها مسكينًا، وإن بات ليالي منى كلَّها أحببتُ له أن يُهريق دمًا.
          وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا شيء عليه إن كان يأتي منى ويرمي الجمار. وهو قول الحسن البصريِّ، قالوا: ولو كانت سُنَّة ما سقطت عن العبَّاس وآله، وإنَّما هو استحباب، وحسبه إذا رمى الجمار في وقتها، وقد روى سفيان بن عيينة، عن عَمْرو بن دينار، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاس قال: لا بأس أن يبيت الرَّجل بمكَّة ليالي منى، ويظلَّ إذا رمى الجمار. وحجَّة من أوجب الدَّم أنَّ الرُّخصة في ذلك إنَّما هي تخصيص من رسول الله لأهل السِقاية، ولمن أذن له دون غيرهم.


[1] في المطبوع والصحيح: ((ليالي)).