شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح

          ░24▒ باب: مَنْ بَاتَ بذي الْحُلَيْفَةِ / حَتَّى أَصْبَحَ.
          قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، عَنِ النَّبيِّ ◙.
          فيه: أَنَسٌ: (صَلَّى النَّبيُّ صلعم بِالْمَدِينَةِ الظَّهْرَ أَرْبَعًا، وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ الْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بذي الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ). [خ¦1546]
          قال المؤلِّف: ليس مبيته ◙ بذي الحليفة عند خروجه من المدينة من سنن الحجِّ، وإنَّما هو من جهة الرِّفق بأمَّته ليلحق به من تأخَّر عنه في السَّير، ويدركه من لم يمكنه الخروج معه.
          قال المُهَلَّب: وفيه تقصير الصَّلاة بنيَّة السَّفر، وإن لم يبلغ إلى موضع المشقَّة منه لأنَّه قصر بذي الحليفة، وهو حجَّةٌ لمالك ومن وافقه أنَّ المسافر إذا خرج عن بيوت المِصر لزمه تقصير الصَّلاة، وفيه أنَّ سنَّة الإهلال أن يكون بعد صلاة، وكان ابن عمر يحرم في دبر صلاة مكتوبة، وهو قول ابن عبَّاسٍ، واستحبَّ ذلك عطاء والثَّوريُّ وطاوس(1) والشَّافعيُّ، وأحمد وإسحاق وأبو ثورٍ، واستحبَّ مالك أن يكون بإثر صلاة نافلة، فإن كان في وقت لا يتنفَّل فيه كوقت الصُّبح أو العصر أجزأه أن يكون بإثر(2) الفريضة، قال ابن المنذر: وإن أحرم ولم يكن صلَّى أجزأه، وقد تقدَّمت حجَّة هذه المقالة في باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة. [خ¦1541]


[1] في (م): ((وطاوس والثوري)).
[2] في (ز) و(ص): ((بآخر)) والمثبت من (م).