شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب

          ░27▒ باب: التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ(1) /
          وَالتَّكْبِيرِ قَبْلَ الإهْلالِ عِنْدَ الرُّكُوبِ على الدَّابَّةِ.
          فيه: أَنَسٌ قَالَ(2): (صَلَّى النَّبيُّ صلعم بِالْمَدِينَةِ وَنَحْنُ مَعَهُ(3) الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بذي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ(4) على الْبَيْدَاءِ حَمِدَ اللهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ فَحَلُّوا، حَتَّى إذا كَانَ(5) يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلُّوا(6) بِالْحَجِّ، قَالَ(7): وَنَحَرَ النَّبيُّ صلعم بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صلعم بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ). [خ¦1551]
          قال المؤلِّف: غرض البخاريِّ بهذه(8) التَّرجمة _والله أعلم_ الرَّدُّ على أبي حنيفة في قوله: إنَّ من سبَّح أو كبَّر أو هلَّل أجزأه من إهلاله، فأثبت البخاريُّ أنَّ التَّسبيح والتَّحميد من النَبيِّ ◙ إنَّما كان قبل الإهلال لقوله في الحديث بعد أنَّ سبَّح وكبَّر: (ثمَّ أهَلَّ بِالحَجِّ)، ويمكن أن يكون فعل(9) تكبيره وتحميده ◙ عند ركوبه أخذًا بقول الله تعالى: {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ}[الزخرف:13]ويمكن أن يكون(10) يعلِّمنا ◙ جواز الذِّكر والدُّعاء مع الإهلال، وأنَّ الزِّيادة عليه مستحبَّة بخلاف قول الشَّافعيِّ.
          قال المُهَلَّب: وقوله: (ثُمَّ أهَلَّ بِحَجٍّ وعُمرَةٍ) فقد ردَّ عليه ابن عمر هذا القول وقال(11): كان أنسٌ حينئذٍ يدخل على النِّساء وهنَّ متكشِّفاتٍ، ينسب إليه الصِّغر وقلَّة الضَّبط حين نسب إلى النَّبيِّ صلعم الإهلال بالقِران.
          قال المؤلِّف: وممَّا يدل على قلَّة ضبط أنس للقصَّة قوله في الحديث: (فَلَمَّا قَدِمنا(12) أَمَرَ النَّبيُّ ◙(13) فَحَلُّوا حَتَّى إِذَا كَانَ يَومُ التَّرويةِ أَهلُّوا بِالحَجِّ). وهذا لا معنى له، ولا يفهم إن كان النَّبيُّ صلعم وأصحابه قارنين كما زعم أنس، لأنَّ الأمَّة متَّفقةٌ على أنَّ القارن لا يجوز له الإحلال حتَّى يفرغ من عمل الحجِ كلِّه كان معه هدي أو لم يكن(14)، فلذلك أنكر عليه ابن عمر، وإنَّما حلَّ من كان أفرد الحجَّ وفسخه في عُمْرة ثمَّ تمتَّع.
          والأملح: الأبيض الَّذي يشوبه شيءٌ من سوادٍ، من «كتاب العين».


[1] في (م): ((التسبيح والتحميد)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[3] في (م): ((ونحن معه بالمدينة)).
[4] قوله: ((راحلته)) زيادة من (م).
[5] قوله: ((كان)) ليس في (م).
[6] في (م): ((هلوا)).
[7] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[8] في (م): ((في هذه الترجمة)).
[9] في (م): ((بعد)).
[10] قوله: ((يكون)) ليس في (م).
[11] في (م): ((أبو عمرو هذا القول قال)).
[12] زاد في (م): ((يعني مكة)).
[13] في (م): ((أمر الناس)).
[14] زاد في(م): ((فهذه غفلة من أنس)).