شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب نحر البدن قائمة

          ░119▒ باب: نَحْرِ الْبُدْنِ قَائِمَةً
          وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سُنَّةَ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {صَوَافَّ}[الحج:36]قِيَامًا.
          فيه: أَنَسٌ: (أنَّ النَّبيَّ صلعم لَمَّا أهَل على الْبَيْدَاءِ وَأَهَلَّ لَنا بِهِمَا جَمِيعًا، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ، أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبيُّ صلعم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا، وَضَحَّى بِالْمَدِينَةِ بكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ). [خ¦1714]
          قول ابن عمر: (سُنَّةَ رسولِ اللهِ) يعني أن تُنحر قيامًا، ويشهد لهذا دليل القرآن، قوله: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[الحج:36]يعني سقطت إلى الأرض، وممَّن استحبَّ أن تنحر قيامًا: مالك، والشَّافعيُّ وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وقال أبو حنيفة والثَّوريُّ: تنحر باركة وقائمة، واستحبَّ / عطاء أن ينحرها باركة معقولة.
          قال المُهَلَّب: (أَهل لنا بِهِمَا جَمِيعًا) معناه: أمر من أَهَلَّ بالقران ممَّن لم يفسخ حجَّه؛ لأنَّه قد صحَّ أنَّه ◙ كان مفردًا بالحجِّ. ولم يكن قارنًا، فمعنى (أَهلَّ لَنا) أي أباح لنا الإهلال بهما قولًا، فكان إهلاله لهم بالإباحة أمرًا، وتعليمًا منه لهم كيف يهلُّون من قرن منهم، وإلَّا فما معنى (لنَا) في هذا الموضع؟ وقد تقدَّم قولُ عائشة وابن عمر قولَ أنس، ووصفهما له بالصِّغر وقلَّة الضَّبط لهذه القصَّة. [خ¦1551]