شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الإهلال مستقبل القبلة

          ░29▒ باب: الإهْلالِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ الْغَدَاةِ بذي الْحُلَيْفَةِ(1).
          وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ: (إِذَا صَلَّى الْغَدَاةِ بذي الْحُلَيْفَةِ(2) اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الْحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ(3) حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ(4) صلعم فَعَلَ(5) ذَلِكَ).
          وفيه(6): ابْنُ عُمَرَ: (أَنَّهُ(7) إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إلى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ، لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذي الْحُلَيْفَةِ، فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ الرَّسُولَ(8) صلعم يَفْعَلُ). [خ¦1554]
          قال المُهَلَّب: أمَّا تلبية ابن عمر إذا ركب راحلته فأراد به إجابةً لقوله تعالى: {وَعلى كُلِّ ضَامِرٍ}[الحج:27]. وأمَّا استقباله القبلة لتلبيته(9) فلاستقبال دعوة إبراهيم لمكَّة، فلذلك(10) يلبِّي الدَّاعي أبدًا بعد أن يستقبل بالوجه لأنَّه لا يصلح أن يولِّي المجيب ظهره من يدعوه ثمَّ يلبِّيه بل(11) يستقبله بالتَّلبية في موضعه الَّذي دعا منه.
          وقوله: (ثمَّ يُلَبِّي حتَّى يَبلُغَ الحَرَمَ) فمعلومٌ من مذهبه أنَّه كان لا يلبِّي في طوافه، وكره مالكٌ التَّلبية في الطَّواف، وقال ابن عيينة: ما رأيت أحدًا يُقتدى به يلبِّي حول البيت إلَّا عطاء بن السَّائب، وسيأتي من أجاز ذلك ومن كرهه في باب الاغتسال عند دخول مكَّة إن شاء الله، [خ¦1573] وإنَّما كان يدهن بغير طيبٍ ليمنع بذلك الدَّواب والقمل(12).


[1] قوله: ((الْغَدَاةِ بذي الْحُلَيْفَةِ)) ليس في (م).
[2] زاد في (م): ((أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ)).
[3] في (م): ((بها)).
[4] في (م): ((النبي)).
[5] في (م): ((كان يفعل)).
[6] في (م): ((فيه)).
[7] زاد في (م): ((كان)).
[8] في (م): ((النبي)).
[9] في (م): ((في تلبيته)).
[10] في (م): ((وكذلك)).
[11] في (م): ((ثم)).
[12] قوله: ((وإنما كان يدهن بغير طيب ليمنع بذلك الدواب والقمل)) ليس في (م).