شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من يصلي الفجر بجمع

          ░99▒ بَاب: مَتَى يُصَلِّي الفجر بجمعٍ(1).
          فيه: عبد الله قَالَ: (مَا رَأَيْتُ النَّبيَّ صلعم صَلَّى صَلاةً لغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلَّا صَلاتَيْنِ، جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا). [خ¦1682]
          وَقَالَ مرَّةً: (صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: طَلَعَ الْفَجْرُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: لَمْ يَطْلُعِ، ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ اللهِ قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاتَيْنِ حُوِّلَتَا عَنْ وَقْتِهِمَا في هَذَا الْمَكَانِ: الْمَغْرِبَ، فَلا يَقْدَمُ النَّاسُ جَمْعًا حَتَّى يُعْتِمُوا، وَصَلاةَ الْفَجْرِ في هَذِهِ السَّاعَةَ، ثُمَّ وَقَفَ حَتَّى أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَفَاضَ الآنَ أَصَابَ السُّنَّةَ، فَمَا أَدْرِي أَقَوْلُهُ كَانَ أَسْرَعَ أَمْ دَفْعُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ). [خ¦1683]
          قال ابن المنذر: ثبت أنَّ رسول الله صلَّى الفجر بالمزدلفة حين تبيَّن له الصُّبح بأذان وإقامة. قال المُهَلَّب: وقول ابن مسعود: (ما رأيت الرَّسول صلعم صلَّى صلاة لغير ميقاتها) فإنَّه لا يريد بذلك أنَّه صلَّاها في الوقت الذي لا يحلُّ، وإنَّما أراد غير ميقاتها المعهود المستحبِّ للجماعات بعد دخول الوقت وتمكنُّه، يبيِّن ذلك قوله: (طلع الفجر وقائل يقول: طلع، وقائل يقول: لم يطلع) يريد أنَّه بادر الفجر أوَّل طلوعه في الوقت الذي لا يتبيَّنه كلُّ أحدٍ، ولم يَتَأَنَّ حتَّى يتبيَّن طلوعه لكلِّ أحدٍ، كما كانت عادته أن يصلِّي قبل ذلك، ولا يجوز أن يتأوَّل عليه غير هذا التَّأويل.


[1] في (ص): ((متى يصلي الصبح)) وصوبها في الحاشية إلى المثبت.