مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا

          ░111▒ باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا
          وقال أبو هريرة.. إلى آخره.
          ثم ذكر حديث عائشة أنه ◙ قال لها: ((يا عائش)).
          وحديث أنس، قال ◙ لأنجشة: ((يا أنجش))
          أما قوله: ((يا أبا هر)) فليس من باب الترخيم كما ذكره ابن بطال وغيره، وإنما هو نقل اللفظ من التصغير والتأنيث إلى التكبير والتذكير؛ لأن أبا هريرة كناه رسول الله بتصغير هرة كانت له مخاطبة باسمها مذكرا مكبراً، فهو وإن كان نقصاناً من اللفظ، ففيه زيادة في المعنى، ويجوز أن يكون لما حذفت الهاء في آخره صار مرخماً؛ لأن الأصل: يا با هرة، وهريرة تصغيرها. وذكر ابن عساكر: أنه كان يكره تصغيره ويقول: كناني رسول الله بأبي هر. والذي ذكره ابن إسحاق وأبو عمر وغيرهما أنه ◙ كناه بأبي هريرة، وقيل: كناه والده بذلك.
          والهر: السنور، وجمعه: هررة، مثل: قرد وقردة.
          وقوله: ((يا عائش)) و((يا أنجش)) من باب النداء المرخم.
          والترخيم: نقصان أواخر الأسماء، تفعل ذلك العرب على وجه التخفيف، ولا يرخم ما ليس منادى إلا في ضرورة الشعر. ولا يرخم من الأسماء ما كان على ثلاثة أحرف، ساكن الوسط مثل: عمرو وفلس، لأن الثلاثة أقل الأصول، إلا ما كان في آخره هاء التأنيث؛ فإنه يرخم، قلَّت حروفه أو كثرت. واختلف فيما إذا كان وسطه متحركا مثل: عمر وجمل، فمنع البصريون تصريفه، وأجازه الكوفيون، ويجوز في عائش وأنجش ضم الشين وفتحها، وكذا يا مال أقبل، ويا حار للحارث، وفي ترخيم جعفر يا جعف(1)، فتحذف الراء ويدع ما قبلها على حركته، وقرأ الأعمش: ونادوا يا مال ووجه ترخيمهم أنهم ذهبت قواهم، ولم تنفع شكواهم، فضعفوا عن تتميم نداء مالك خازن النار.
          وترخيم ما فيه تاء التأنيث مثل عائشة وفاطمة: أكثر من غيره؛ لأن تاء التأنيث يلحقها الحذف، بدليل سقوطها من التكثير والنسب.
          قوله: (كانت أم سليم في الثقل) هو بتحريك الثاء والقاف، وهو متاع المسافر، وروي بكسر الثاء، قال ابن التين: الأول هو الذي قرأناه.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وقيل نحو هذا في قول العرب أكلوني البراغيث بذكر ضمير الجمع، وهو ممنوع في كلام العرب وإنما هذا في لغة قوم.
قيل: لما أكلتهم البراغيث ضعفوا عن التلفظ بما هو على القاعدة فقالوا أكلوني، ولم يقل كما هو الأصل، أقول: وذكر بعض أصحاب علم الحيوان أن البراغيث قتلوا رجلاً في وقت اجتمعوا عليه في موضع فامتصوا دمه فمات)).