مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما جاء في قول الرجل: ويلك

          ░95▒ باب ما جاء في قول الرجل: ويلك
          فيه عدة أحاديث:
          حديث أنس: ((اركبها)). قال: إنها بدنة. الحديث.
          وحديث أبي هريرة مثله.
          وحديث أنس أيضاً: كان ◙ في سفر، وكان معه غلام له أسود، الحديث.
          وحديث أبي بكرة أثنى رجل على رجل فقال: ((ويلك)) الحديث.
          وحديث أبي سلمة والضحاك، عن أبي سعيد الخدري: بينا رسول الله يقسم ذات يوم قسماً، وفيه: ((ويلك)).
          والضحاك: هو ابن شراحيل ويقال: ابن شرحبيل الهمداني المشرقي أبو سعيد، ومشرق بكسر الميم وفتح الراء وبالقاف بطن من همدان، وهو مشرق بن زيد بن جشم بن حاشد بن خيوان بن نوف بن همدان.
          والرصاف المذكور فيه: بكسر الراء وحكي ضمها، عقب يلوى على مدخل النصل فيه. وعبارة ابن التين أنه العقب الذي يركب عليه الريش. قال الداودي: هو ما دون الحديد من العود.
          والنضي: ما بين الريش والنصل، سمي بذلك؛ لكثرة البري والنحت. وعن ابن عمر أنه نصل السهم.
          قال ابن التين: والذي قرأناه بفتح النون. وقال الشيخ أبو الحسن: الذي أعرفه بضمها. وقال القزاز: هو عود السهم. قيل يراش وينصل. قال: ويسمى بذلك بعد عمله.
          والقذذ: ريش السهم واحدتها قذة، والفوق: موضع الوتر، والقدح: الخشب وحده، والسهم اسم لجميع ذلك.
          وحديث أبي هريرة، في حديث المجامع في رمضان، فقال: ((ويحك ما صنعت)) تابعه يونس، عن الزهري. وقال عبد الرحمن بن خالد، عن الزهري: ((ويلك)).
          وحديث أبي سعيد، أن أعرابيًّا قال: يا رسول الله، أخبرني عن الهجرة الحديث.
          وشيخ (خ) فيه سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون أبو أيوب القرشي الدمشقي، يعرف بابن بنت شرحبيل. روى عنه (د) أيضاً. وروى (خ) أيضاً و(ت) (ن) (ق) عن رجل عنه، مات سنة ثلاثين ومائتين أو اثنتين أو ثلاث أو أربع وثلاثين.
          قوله: (وقال: عبد الرحمن بن خالد) ذكره الدارقطني في ((الأفراد)) من حديث محمد بن شرحبيل الصنعاني عنه.
          وحديث ابن عمر، عن رسول الله: ((ويلكم أو ويحكم... الحديث)).
          وحديث همام عن قتادة، عن أنس، أن رجلاً من أهل البادية الحديث.
          وقوله في حديث همام: (فمر غلام للمغيرة إلى آخره)، قال الإسماعيلي: يعني الإبلاغ في القرب لا تحديد قيامها، كما قال: ((بعثت في نفس الساعة)).
          وما ذكره من الأحاديث دال لما ترجم له، قال سيبويه: ويلك: كلمة تقال لمن وقع في هلكة.
          (وويحك): ترحم بمعنى ويل، وكذا قال الأصمعي وزاد: وويس تصغيرها؛ أي: أنها دونها، وقيل: هما بمعنى. وقال بعض أهل اللغة: ولا يراد بها الدعاء / بإيقاع الهلكة لمن خوطب بها، وإنما يراد بها المدح والتعجب، كما تقول العرب: ((ويل أمه مسعر حرب)). على عادتها في نقلها الألفاظ الموضوعة في بابها. إلى غيره كما سلف في: انج ثكلتك أمك، وتربت يداك.
          وروى يحيى بن معين: بسنده عن عبد الله بن عمر، أن عمر قال: ويح كلمة رحمة.
          قال الخليل: لم يسمع على بابه إلا ويح، وويس، وويل، وويك وديك وويب وديه.
          وقال الداودي: ويح وويس وويل كلمات متقاربة تقولها العرب عند الذم. قال: والويح مأخوذ من الحزن. كذا قال، وهو الحزن فكأنه أخذه من باب أن الدعاء بالويل لا يكون إلا عنده، قال: والويس من الأيس، وهو الحزن. كذا قال، لكن الأصل مختلف.
          والبدنة: ناقة أو بقرة سميت بذلك؛ لسمنها، تقول منه: بدن الرجل بفتح الدال وضمها إذا ضخم.
          وقال الداودي: البدنة ذكر أو أنثى من الإبل، وإنما قال له: ((اركبها))؛ لأنه أعيا واختلف إذا استراح هل ينزل؟ بين مالك وغيره.
          قوله: (ويلك قطعت عنق أخيك) يعني: بإطرائك إياه ومدحك، وقد تفسد عليه دينه.
          قوله: (لا محالة) هو بفتح الميم؛ أي: لا بد منه.
          قوله: (والله حسيبه) أي: أعلم بحقيقة أمره.
          قوله: (فقال عمر: ائذن لي فلأضربن عنقه) كان منافقاً، وكان ◙ لا يقتلهم؛ لئلا يتحدث أنه يقتل أصحابه.
          قوله: (إن له أصحاباً) إلى آخره: هم الذين قاتلوا عليًّا، ووصفهم ◙ بالآيات التي وجدت، وهذه الطائفة حكمت أهواءها، وخالفت الإجماع، وتعلقت بظاهر الكتاب على زعمها، ونبذت القرآن في الذي أمرهم الله به، وأجمعت الصحابة على صحته فقالت: لا حكم إلا لله والرسول. فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل. وناظرهم ابن عباس فقال: إن الله قد حكم بين الزوجين، وفي جزاء الصيد؛ فبان الحكم بين طائفتين من المسلمين لحقن دمائهم أولى.
          ووافق الخوارج في هذه المقالة أهل الظاهر، واقتفوا آثارهم فضللوا السلف في القول والرأي والقياس.
          قوله: (يمرقون من الدين) قيل: بهذا سموا مارقة. واحتج به من قال بتكفيرهم.
          و(الرمية): بمعنى: مرمية، وهو ما ينصب ليرمى عليه النبل، والنصل: حديد السهم، والنضي: سلف أنه بكسر النون وضمها.
          قوله: (فلا يوجد فيه شيء) أي: ينظر ما يعلق بالريش من الدم فلا يوجد له فيه أثر.
          قوله: (سبق فيه الفرث والدم) الفرث: ما تجمع في الكرش، وقيل: إنما يقال له: فرث ما دام في الكرش، قاله الجوهري والقزاز.
          قوله: (يخرجون على حين فرقة) أي: وقت افتراق. قال ابن التين: هكذا رويناه، وروي: ((على خير فرقة من الناس)) ومعنى الأول: ما كان يوم صفين بين الصحابة.
          قوله: (يخرجون) سموا خوارج.
          و(البضعة): القطعة من اللحم، قال الجوهري بالفتح وأخواتها بالكسر مثل: القلفة والقلذة، وغيرهما مما لا يحصى.
          قوله: (تدردر) أصله: تتدردر، حذف إحدى التائين؛ استخفافاً، ومعناه: يسيح ويدر كما يدر ضرع الشاة، وقيل: يتحرك ويضطرب، والمعنى متقارب.
          وكفارة الجماع في رمضان عندنا وفاقاً لابن حبيب، وقال مالك مخيرة: استحب البداءة بالطعام.
          قال ابن التين: ومذهبه أن الكفارة بالطعام، ولا يعرف العتق ولا الصيام.
          ولم يذكر في ((الموطأ)): فإن لم يجد وقيل إنه من قول أبي هريرة. وقال أبو مصعب: إن أكل أو شرب كفر بالإطعام، وإنما العتق والصيام عن الجماع، وقال أشهب بالتخيير.
          قوله: (ما بين طنبي المدينة / أحوج مني) ضبط بفتح(1) الطاء والنون في بعض رواية الشيخ أبي الحسن، وبضمهما في رواية أبي ذر.
          قال ابن التين: والذي قرأناه بضم الطاء وإسكان النون، والأصل ضم النون، وكذلك في اللغة، وهو جبل الخباء، وأراد بذلك جانبيها وناحيتيها.
          قوله: (ويحك إن شأن الهجرة شديد) قيل: كان هذا قبل الفتح فيمن أسلم من غير أهل مكة، كان ◙ يحذره شدة الهجرة ومفارقة الأهل والوطن، وكانت هجرته وصوله إلى رسول الله صلعم، قال تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ}الآية [التوبة:122].
          قوله: (واعمل من وراء البحار) فيه دلالة على أنها غير واجبة عليه، وأنها كانت على أهل مكة.
          قوله: (لن يترك من عملك شيئا) أي: لن ينقصك، وأصله يوترك، فحذفت الواو؛ لوقوعها بين ياء وكسرة.
          قوله: (قال: ((فهل تؤدي صدقتها؟))) لم يسأله عن غيرها من الأعمال الواجبة عليه؛ لأن النفوس والله أعلم حرصها على المال أشد من حرصها على الأعمال البدنية، فإذا كان يبذل المال ويخرجه لمستحقه ويؤديه طيبة بها نفسه، فهو على الأعمال البدنية أحرص على عملها.
          قوله: (لا ترجعوا بعدي كفارا) سلف أنه الستر أو تكفير الناس، كفعل الخوارج إذا استعرضوا الناس، وقيل: هم [أهل] الردة قتلهم الصديق. قالت الخوارج ومن نحى نحوهم: هو الكفر بفعلهم كما يكفرون بالزنا والقتل ونحوها من الكبائر. وقيل: أراد إذا فعله كل واحد مستحلاً لقتل صاحبه فهو كافر.
          قوله: (فمر غلام وكان من أقراني) أي: من أمثالي في السن، قال أهل اللغة: بفتح القاف مثلك في السن، تقول: هو على قرني؛ أي: على سني. والقرن بالكسر: مثلك في الشجاعة فانظر كيف يصح هنا قوله: (من أقراني)؟ وفعل كضرب إذا كان صحيحاً ساكن العين مفتوح الأول لا يجمع على أفعال إلا شيئاً قليلاً لم يعدوا هذا فيها.
          قوله: (إن أخر هذا لم يدركه الهرم) هو كبر السن (حتى تقوم الساعة) قال الداودي: ليس هذا بمحفوظ إذ المحفوظ أنه قال للذين خاطبهم: ((تأتيكم ساعتكم)): يعني: موتكم. وكانوا أعراباً خشي أن يقول لهم: ما أدري متى الساعة، يرتابوا، فكلمهم بالمعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب.
          قوله: (متى الساعة؟) كان سؤال الناس رسول الله عن وقتها على وجهين: أحدهما: على معنى التكذيب لها، والآخر: على معنى التصديق لها والشفقة منها، فلما قال البدوي: (متى الساعة؟) امتحنه رسول الله صلعم مستهزئاً حاله؛ ليعلم أي الحالين هو، فلما أظهر له إيمانه بالله وتصديقه برسوله قال له: ((أنت مع من أحببت)) فألحقه بحسن النية من غير زيادة بأصحاب الأعمال الصالحة، قاله الخطابي.
          وقال الداودي: يحتمل أن يريد أنه معهم في الجنة، وبعضهم فوق بعض؛ لأن من أحب رسول الله لا يلحق درجته ولا يقاربها.
          قال والدي ⌂:
          (باب ما جاء في قول الرجل) لفظ الويل إذا كان مضافاً فهو لازم النصب على أنه مفعول مطلق لعامل وجب حذفه و(البدنة) هي ناقة تنحر بمكة يعني أنها هدي يساق إلى الحرم وفي الطريقة الأولى ذكر ويلك في الثالثة جزماً وفي الثانية شك في أنها في الثانية أو الثالثة، وكلمة (ح) إشارة إلى التحويل أو الحائل / أو الحديث أو صح.
          و(أيوب) هو شيخ حماد أي قال حماد قال أيوب السختياني و(أنجشة) بفتح الهمزة والجيم والمعجمة وسكون النون بعد الهمزة كان يسوق إبل النساء و(ويحك) منصوب وهي كلمة رحمة و(ويلك) كلمة عذاب وقيل: هما بمعنى واحد و(رويدك) أي: لا تستعجل ولا تعنف بالحداء بل بالسهولة؛ لأن النساء هي المحمولات وارفق بهن كما يرفق بما كان محمول الزجاج وقيل: معناه مهلا بالسوق في الصوت و(قطع العنق) مجاز عن الإهلاك وذلك لأن الثناء موقع في الإعجاب بنفسه الموجب لهلاك دينه وقطع العنق مجاز عن القتل فهما مشتركان في الهلاك وإن كان هذا دينيًّا وذاك دنيويًّا و(لا محالة) بفتح اللام أي لا بد.
          و(حسيبه) أي محاسبه على عمله و(لا يزكي) أي لا يشهد عليه بالجزم أنه عند الله كذا وكذا لأنه لا يعرف باطنه أو لا يقطع به لأن عاقبة أمره لا يعلمها إلا الله وهاتان الجملتان معترضتان.
          و(إن يعلم) هو متعلق بقوله فليقل مر بنحو كراسة في باب ما يكره من التمادح.
          قوله (الوليد) بفتح الواو ابن مسلم و(الأوزاعي) بالواو والزاي والمهملة عبد الرحمن والرجال الثلاثة بل الزهري دمشقيون و(الضحاك) ضد البكاء ابن شراحيل بفتح المعجمة وبالراء المهملة وقيل شرحبيل بضمها وفتح الراء المشرقي بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الراء وبالقاف (ذو الخويصرة) تصغير الخاصرة بالمعجمة والمهملة والراء وسبق صفته من أنه غائر العينين في كتاب الأنبياء في باب هود والقسمة كانت في ذهيبة بعثها علي ☺ إلى رسول الله صلعم.
          فإن قلت: قال ثمة أبو سعيد أحسب الرجل الذي سأل قتله خالد بن الوليد وقال هاهنا أن عمر استأذن في ذلك قلت: لم يقطع بأنه خالد، بل قال على سبيل الحسبان مع احتمال أن كلا منهما قصد ذلك.
          قوله: (فأضرب) بالنصب وفي بعضها فلأضرب بالنصب والجزم.
          فإن قلت: ما هذه الفاء؟ قلت: هو مثل اشفعوا فلتؤجروا، وتقدم مباحثه قريباً بأوراق في باب قول الله تعالى: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً} [النساء:85] وقال الأخفش: إنها زائدة.
          قوله: (الرمية) بفتح الراء، فعيلة من الرمي للمفعول وهو الرمي كالصيد و(المروق) النفوذ حتى يخرج من الطرف الآخر و(النصل) حديد السهم و(الرصاف) جمع: الرصفة بالراء والمهملة والفاء، عصية تلوي فوق مدخل النصل و(شيء) أي: من أثر النفوذ في الصيد من الدم ونحوه و(النضي) بفتح النون وكسر المعجمة الخفيفة وشدة التحتانية القدح؛ أي: عود السهم وقيل هو ما بين النصل والريش و(القذذ) جمع القذة بضم القاف وتشديد المعجمة ريش السهم وسبق السهم الفرث والدم بحيث لم يتعلق به شيء منها ولم يظهر أثرهما فيه وهذا تشبيه أي: طاعاتهم لا يحصل لهم منها ثواب؛ لأنهم مرقوا من الدين بحسب اعتقاداتهم، وقيل: المراد من الدين طاعة الإمام وهم الخوارج.
          قوله: (حين فرقه) أي: زمان افتراق الأمة وفي بعضها خير فرقة أي أفضل طائفة و(آيتهم) أي علامتهم و(يديه) مثنى اليد وفي بعضها ثدييه بالمثلثة والمهملة والتحتانية و(البضعة) بفتح الموحدة القطعة من اللحم و(تدردر) بالمهملتين وتكرار الراء تضطرب وتتحرك وهذا الشخص إما أميرهم وإما رجل منهم وهم خرجوا على علي ☺ وهو قاتلهم بالنهروان بقرب / المدائن و(التمس) بلفظ المجهول.
          وفيه معجزة لرسول الله صلعم ومنقبة لأمير المؤمنين علي ☺ مر في علامات النبوة.
          قوله: (محمد بن مقاتل) بلفظ اسم الفاعل و(حميد) مصغر الحمد و(العرق) بالمهملة المفتوحة والراء الشقيقة المنسوجة من الخوص و(الطنب) حبل الخباء والجمع الأطناب شبه المدينة بفسطاط مضروب وحرتاها بالطنبين أراد ما بين لابتيها أحوج منه.
          فإن قلت: تقدم الحديث قريباً في باب التبسم أنه ضحك حتى بدت نواجذه والأنياب في وسط الأسنان والنواجذ في آخرها؟ قلت: لا منافاة بينهما وأيضاً قد يطلق كل منهما على الآخر ومرت أحكامه في كتاب الصوم.
          و(عبد الرحمن بن خالد الفهمي) بالفاء المصري، قوله: (أبو عمرو) هو عبد الرحمن الأوزاعي و(عطاء بن يزيد) من الزيادة الليثي مرادف الأسد و(الهجرة) أي ترك الوطن إلى المدينة و(لم يترك) من وتر أي لم ينقصك وفي بعضها لم يترك من الترك و(من عملك) أي: من ثواب عملك.
          والمقصود أن القيام بحق الهجرة شديد فاعمل الخير حيث ما كنت لأنك إذا أديت فرض الله فلا تبالي أن تقيم في بيتك وإن كان أبعد البعيد من المدينة، فإن الله لا يضيع أجر عملك وقد مر في باب زكاة الإبل.
          قوله: (خالد بن الحارث الهجيمي) بالجيم و(واقد) بالقاف والمهملة، ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب و(النضر) بسكون المعجمة ابن شميل مصغر الشمل بالمعجمة و(عمر بن محمد) أخو واقد.
          قال ابن بطال: لا يراد بويلك الدعاء بإيقاع الهلكة لمن خوطب بها، وإنما يراد بها المدح والتعجب كما يقال تربت يداك ونحوه.
          قوله: (عمرو بن عاصم) القيسي البصري و(همام) ابن يحيى الأزدي و(قائمة) بالنصب ولفظ (إلا أني أحب الله) يحتمل أن يكون استثناءً متصلاً ومنقطعاً وسبب فرحهم أن كونهم مع رسول الله صلعم يدل على أنهم من أهل الجنة.
          فإن قلت: درجته في الجنة أعلا من درجاتهم فكيف يكونون معه؟ قلت: المعية لا تقتضي عدم التفاوت في الدرجات.
          و(المغيرة) بضم الميم وكسرها ابن شعبة الثقفي وكان سن الغلام مثل سن أنس بن مالك.
          قوله: (إن أخر) أي إن لم يمت هذا في صغره ويعيش لا يهرم حتى تقوم الساعة.
          فإن قلت: ما توجيه هذا الخبر إذ هو من المشكلات؟ قلت: هذا تمثيل لقرب الشفاعة ولم يرد منه حقيقته أو الهرم لا حدّ له أو الجزاء محذوف.
          قال القاضي عياض: المراد بالساعة ساعتهم أي: موت أولئك القرن أو أولئك المخاطبون.
          وقال النووي: يحتمل أنه صلعم علم أن هذا الغلام لا يؤخر ولا يعمر ولا يهرم.
          الزركشي:
          (ويل) قيل: أصله وي فوصلوه باللام، وقد روي أنها منه فأعربوها، يقال: وي لفلان أي: حزن له، وقيل: ويلك هو تقبيح للمخاطب فعله.
          (والرصاف) بكسر الراء وفتح الصاد المهملة جمع: رصف، وهو شيء يلوي على مدخل النصل في السهم.
          (يضرب بعضكم رقاب بعض) بالرفع، ومنهم من جزمه، وسبق في الإيمان.
          (متى الساعة قائمة) يجوز في قائمة الرفع والنصب، وسؤال الرجل عن الساعة احتمل وجهين: التعنت والتفقه فامتحنه النبي بقوله: ((ما أعددت لها؟)) فظهر من جوابه إيمانه فألحقه بالمؤمنين.
          (إن أخر هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم الساعة) فسره هشام في موضع آخر بانخرام القرن.
          (ولم يلحق به) وفي الرواية الثانية: ((ولما يلحق به))، والنفي بـ((لما)) أبلغ، وفي وجه مطابقة الأحاديث لباب علامة الحب في الله عسر فلينظر ثمة، انتهى / كلام الزركشي.
          أقول:
          (فمر غلام للمغيرة) اسمه محمد وأصل هذا أن رجلاً سأل رسول الله صلعم متى تقوم الساعة وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد فقال رسول الله صلعم: ((إن يعش هذا الغلام)).
          قال ابن بشكوال: الغلام المذكور قيل اسمه محمد وقيل اسمه سعد زادن الدوسي.


[1] في المخطوط: ((بضم)) ولعل الصواب ما أثبتناه.