مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا

          ░38▒ باب لم يكن النبي صلعم فاحشاً
          فيه أحاديث:
          1- حديث: عبد الله بن عمرو، ذكر رسول الله صلعم فقال: لم يكن فاحشاً الحديث.
          2- حديث عائشة في السام.
          وسلف قريباً بزيادة: ((مهلاً يا عائشة)) إلى آخره.
          3- حديث أنس: لم يكن النبي صلعم سباباً.. الحديث.
          4- حديث عائشة: ((بئس أخو العشيرة)) الحديث.
          هذا الرجل هو مخرمة بن نوفل بن أهيب أخي وهب والد أمية بنت وهب ابن عبد مناف أخي الحارث ابن زهرة بن كلاب والد المسور بن مخرمة، كان من المؤلفة.
          وشيخ (خ) فيه عمرو بن عيسى، وهو أبو عثمان الضبعي البصري، من أفراده.
          والفاحش ذو الفحش في كلامه وفعاله، والمتفحش: الذي يتكلف ذلك. وقال الداودي: الفاحش: الذي من أخلاقه القول الفحش، وهو ما لا ينبغي من الكلام، والمتفحش هو الذي يستعمل الفحش فيضحك الناس، وهو نحوه، وقال جماعة من أهل اللغة: كل شيء جاوز حده، وأفحش في المنطق؛ أي: قال الفحش فهو فحاش والعنف: ضد الرفق.
          قوله: (والفحش) لم يكن منها إلا الدعاء عليهم بما هم أهل لعنة من غضب الله عليه وهم بدءوا بالسيئ فجازتهم.
          والفحش: مجاوزة القصد. ومنه قول الفقهاء: إذا أفحش الدم على الثوب لم يعف عنه.
          وعبارة الطبري: الفاحش: البذيء اللسان. وأصل الفحش عند العرب في كل شيء: خروج الشيء عن مقداره وحده حتى يستقبح، ولذلك يقال للرجل المفرط الطول فاحش الطول، يراد به قبيح الطول، غير أن أكثر ما يستعمل ذلك في الإنسان إذا وصف به غير موصول بشيء في المنطق، فإذا قيل: فلان فاحش، ولم يوصل بشيء فإن الأغلب أن معناه أنه فاحش منطقه بذيء لسانه، ولذلك قيل للزنا: فاحشة؛ لقبحه وخروجه عما أباحه الله تعالى لخلقه.
          قال ابن بطال: والفحش والبذاء مذموم كله، وليس من أخلاق المؤمنين، وقد روى مالك، عن يحيى بن سعيد: أن عيسى ◙ لقي خنزيراً في طريق، فقال له: انفذ بسلام، فقيل له: تقول هذا للخنزير؟ فقال عيسى: إني أخاف أن أعود لساني المنطق السوء.
          فينبغي لمن ألهمه الله رشده أن يجتنبه ويعود لسانه طيب القول، ويقتدي في ذلك بالأنبياء، فهم الأسوة الحسنة / وفي حديث عائشة: أنه لا غيبة في معلن بفسقه وإن ذكر بقبيح أفعاله.
          وفيه: جوازه للفاسق لأنه القول لمنفعة ترجى له.
          وأسلفنا أن هذا الرجل هو مخرمة بن نوفل، قد وجد بخط الدمياطي. وقال الداودي: يحتمل أن يريد بذلك عيينة بن حصن؛ لأنه الذي استأذن. وصرح به ابن بطال أنه ابن عيينة الفزاري قال: وكان سيد قومه، وكان يقال له الأحمق المطاع، فرجا ◙ بإقباله عليه أن يسلم قومه، رجا حين أقبل على الشرك وترك حديثه مع ابن أم مكتوم فأنزل الله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس:1] وإنما أقبل ◙ عليه بحديثه رجاء أن تسلم قبيلته بإسلامه.
          وفيه: أن من دعى على رجل بالهلاك وشبهه لم يلحق بما فيه حد وتعزير؛ لأن دعاءه غير مقبول؛ لأنه دعاء ظالم، فلم يجد الدعاء منه محلا، كما يجد الشتم عرض المشتوم إذا أضار الأمر القبيح إليه.
          والمعتبة كما قال الخطابي مصدر عتبت عليه أعتب عتباً.
          وقال الجوهري: وعتب عليه: وجد، يعتب ويعتب عتباً ومعتباً، قال: والتعتبُ مثله، والاسم العتبة والمعتبة. قال الخليل: العتاب: معاتبة الإدلال ومذاكرة الموجدة، تقول: عاتبه معاتبة.
          قال الشاعر:
          ويبقى الود ما بقي العتاب
          قوله: (ترب جبينه) قال الخطابي: الدعاء بهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يخر لوجهه فيصيب التراب جبينه.
          والثاني: أن يكون دعاء له بالطاعة ليصلى فيترب جبينه، والأول أشبه؛ لأن الجبين نفسه لا يصلى عليه.
          قوله: (بئس أخو العشيرة) أو (بئس ابن العشيرة) كذا هنا.
          وفيه: أن من أظهر الجفاء وما لا يجب يجوز أن يقال ذلك فيه في غيبته، ولا تكون غيبة إذا جاهر بذلك.
          قال الخطابي: وهذا مما يجب عليه بيانه وتعريفه الناس بذلك نصيحة وشفقة عليهم، ولكن لما أعطيه من حسن الخلق أظهر له البشاشة ولم يزاحمه مكروه لتقتدي به أمته في المداراة ليسلموا من الشر والغائلة.
          ومعنى تطلق في وجهه: انشرح. قال الجوهري: ما تطلق نفسي لهذا الأمر: ما تنشرح، وهو من معنى رجل طلق الوجه؛ أي: طليقه مسترسل منبسط غير عبوس.
          قال والدي ⌂:
          (باب الوصاية) يقال: أوصيت له بشيء والاسم: الوصاة، والغرض من ذكر الآية ما فيها من الإحسان بالجار.
          قوله: (إسماعيل بن أبي أويس) مصغر الأوس بالواو والمهملة و(أبو بكر بن محمد) بن عمرو بن حزم بالمهملة والزاي الأنصاري و(عمرة) بفتح المهملة وبالراء بنت عبد الرحمن و(سيورثه) أي: سيجعله قريباً وارثاً.
          قوله: (محمد بن منهال) بكسر الميم وإسكان النون الضرير و(يزيد) من الزيادة ابن زريع مصغر الزرع أي الحرث و(عمرو ابن محمد) بن يزيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
          قوله: (بوائقه) جمع: البائقة وهي الغائلة وأكثر ما يوصف بها الأمر الشديد و(ابن أبي ذئب) بلفظ الحيوان المشهور محمد بن عبد الرحمن و(سعيد) أي المقبري و(أبو شريح) مصغر الشرح بالمعجمة والراء والمهملة خويلد الخزاعي الكعبي الصحابي العدوي مر في العلم في باب التبليغ.
          قوله: (ومن) أي: من الذي لا يؤمن.
          فإن قلت: ما هذه الواو؟ قلت: عطف على مقدر أي: سمعنا قولك وما عرفنا من هو.
          فإن قلت: لم لا يكون مؤمناً؟ قلت: المراد به كمال الإيمان ولا شك أنه معصية والعاصي لا يكون كامل الإيمان.
          قوله: (شبابة) بفتح المعجمة وخفة الموحدة الأولى ابن سوار / بالمهملة والواو وبالراء الفزاري بالفاء وخفة الزاي والراء و(أسد بن موسى) الأموي أسد السنة يروي عن ابن أبي ذئب مات سنة ثنتي عشرة ومائتين والضمير في تابعه راجع إلى عاصم.
          قوله: (حميد) مصغراً ابن الأسود ضد الأبيض الكرابيسي جمع الكرباس و(عثمان بن عمر بن فارس) بالفاء والراء والمهملة البصري و(أبو بكر بن عياش) بفتح المهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة القاري و(شعيب بن إسحاق) الدمشقي.
          قوله: (المقبري) بضم الموحدة وفتحها سعيد و(أبوه) اسمه كيسان.
          فإن قلت: قال أولاً سعيد يروي عن أبي هريرة وقال ثانياً سعيد يروي عن أبيه عن أبي هريرة فما حكمهما؟ قلت: كلاهما صحيح؛ لأن سعيداً تارة روى عن أبي هريرة بلا واسطة وأخرى بالواسطة.
          قوله: (يا نساء المسلمات) بنصب النساء وجر المسلمات من باب إضافة الموصوف إلى صفته؛ أي: يا نساء الأنفس المسلمات وقيل تقديره يا فاضلات المسلمات كما نقول هؤلاء رجال القوم أي ساداتهم وأفاضلهم ويرفعها ورفع النساء ونصب المسلمات نحو زيد العاقل.
          قوله: (لا تحقرن) هذا النهي إما للمعطية أي لا تمتنع جارة من الصدقة لجارتها لاستقلالها واحتقارها بل تجود بما تيسر وإن كان قليلاً كفرسن شاة فهو خير من العدم وإما للمعطاة المتصدق عليها و(الفرسن) بكسر الفاء والمهملة وسكون الراء، من البعير بمنزلة الحافر من الدابة وقد يطلق على الغنم استعارة وقيل: هو عظم الظلف مر في الهبة.
          قوله: (أبو الأحوص) بفتح الهمزة والواو وإسكان المهملة الأولى سلام بالتشديد و(أبو حصين) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية عثمان الأسدي و(أبو صالح) ذكوان.
          فإن قلت: الإيذاء معصية ولا يلزم منها نفي الإيمان؟ قلت: المراد نفي كمال الإيمان.
          فإن قلت: لم خصص الإيمان بالله واليوم الآخر من بين سائر ما يجب الإيمان به؟ قلت: إشارة إلى المبدأ والمعاد يعني: إذا آمن بالله الذي خلقه وأنه يجازيه يوم القيامة بالخير والشر لا يؤذي جاره.
          فإن قلت: الأمر بالإكرام للوجوب أم لا؟ قلت: يختلف بحسب المقامات فربما يكون فرض عين أو فرض كفاية وأقله إنه من باب مكارم الأخلاق.
          فإن قلت: ما وجه ذكر هذه الأمور الثلاثة؟ قلت: هذا الكلام من جوامع الكلم لأنها هي الأصول إذ الثالث منها إشارة إلى القوليات والأولان إلى الفعلية الأول منها إلى التخلية عن الرذائل والثاني إلى التحلية بالفضائل يعني: من كان له صفة التعظيم لأمر الله لا بد له أن يتصف بالشفقة على خلق الله إما قولاً بالخير أو سكوتاً عن الشر وإما فعلاً لما ينفع أو تركاً لما يضر.
          قوله: (أبو شريح) مصغر الشرح بالمعجمة والراء والمهملة العدوي بالمهملتين المفتوحتين خويلد الكعبي مر آنفاً.
          قوله: (أذناي) فائدة ذكره التوكيد و(الجائزة) العطاء وهي مشتقة من الجواز لأنه حق جوازه عليهم وقدره بيوم وليلة لأن عادة المسافرين ذلك.
          الجوهري: يقال: أصل الجائزة أن والي فارس مر به الأحنف / في جيشه غازياً إلى خراسان فوقف لهم على قنطرة فقال أجيزوهم وأعطى كل واحد بقدر حسبه.
          فإن قلت: بم انتصب؟ قلت: مفعول ثان للإكرام لأنه في معنى الإعطاء أو هو كالظرف أو منصوب بنزع الخافض.
          فإن قلت: كيف جاز وقوع الزمان خبراً عن الجثة؟ قلت: إما باعتبار أن له حكم الظرف وإما مضاف مقدر أي زمان جائزته يوم وليلة.
          الخطابي: معناه أنه يتكلف له يوماً وليلة فيزيده في البر وفي اليومين الآخرين يقدم له ما يحضره فإذا مضى الثلاث فقد مضى حقه فإن زاد عليها فهو صدقة.
          قوله: (أبو عمران) عبد الله الجوني بفتح الجيم وإسكان الواو وبالنون البصري و(طلحة) ابن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله التيمي القرشي.
          قوله: (بابا) ولعل السر أنه ينظر إلى ما يدخل داره وأنه أسرع لحوقاً به عند الحاجات في أوقات الغفلات.
          قوله: (علي بن عياش) بفتح المهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة الحمصي و(أبو غسان) بفتح المعجمة وتشديد المهملة، محمد بن مطرف بكسر الراء المشددة و(محمد بن المنكدر) بفاعل الإنكدار و(سعيد بن أبي بردة) بضم الموحدة وإسكان الراء وبالمهملة عامر ابن أبي موسى الأشعري و(الملهوف) أي: المظلوم يستغيث أو المحزون المكروب.
          قوله: (عمرو) ابن أبي مرة بضم الميم وشدة الراء و(خيثمة) بفتح المعجمة وسكون التحتانية وفتح المثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي و(عدي) بفتح المهملة الأولى وكسر الثانية و(أشاح) بالمعجمة والمهملة أعرض.
          الخطابي: أشاح بوجهه إذا صرفه عن الشيء فعل الحذر الكاره له كأنه صلعم كان يراها ويحذر وهج سعيرها فنحى وجهه عنها.
          قوله: (إما مرتين) فإن قلت: أين أخت إما التفصيلية؟ قلت: محذوف وأما ثلاث مرات فأشك فيها.
          و(الشق) بالكسر النصف، قوله (فإن لم تجد) بلفظ المفرد قال بعض علماء المعاني: ذكر المفرد بعد الجمع هو من باب الالتفات، وهو عكس {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} [الطلاق:1].
          قوله: (الرفق) هو ضد العنف والأخذ بالأسهل وما فيه اللطف ونحوه و(السام) بتخفيف الميم الموت و(أو لم تسمع) بهمزة الاستفهام وواو العطف.
          قوله: (عليكم) في بعضها وعليكم بالواو.
          فإن قلت: ما معناه والعطف يقتضي التشريك وهو غير جائز؟ قلت: هو المشاركة في الموت أي نحن وأنتم كلنا نموت أو أن الواو للاستئناف لا للعطف أو تقديره، وأقول عليكم ما تستحقونه وإنما أختار هذه الصيغة ليكون أبعد عن الإيحاش وأقرب إلى الرفق.
          قوله: (قاموا إليه) أي: ليردوه وليضربوه و(لا تزرموه) من الإزرام بالزاي والراء؛ أي: لا تقطعوا عليه بوله و(زرم البول) أي: انقطع مر في الوضوء.
          وفيه الرفق بالأعرابي مع صيانة المسجد من زيادة النجاسة لو هيج الأعرابي عن مكانه.
          وفيه أن الماء يكفي في غسل بوله ولا حاجة إلى حفر المكان وتفل التراب.
          قوله: (بعضهم) بالجر و(بعضا) منصوب بنزع الخافض أي: للبعض و(بريد) مصغر البرد بالموحدة والراء والمهملة كنيته أبو بردة بضم الموحدة ابن عبد الله بن أبي بردة أيضاً، واسمه: عامر بن أبي موسى عبد الله / الأشعري و(أبو بردة) يروي عن جده أبي بردة وهو عن أبيه يعني: أبا موسى فاضبط فقد وقع الخبط في كثير من النسخ فيه.
          قوله: (المؤمن) التعريف فيه للجنس والمراد بعض المؤمن للبعض و(يشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه ولفظ (ثم شبك بين أصابعه) كالبيان للوجه؛ أي: شدًّا مثل هذا الشد.
          قوله: (فلتؤجروا) فإن قلت: ما هذه الفاء؟ قلت: هي الفاء السببية التي ينتصب بعدها الفعل المضارع واللام بالكسر بمعنى كي وجاز اجتماعهما؛ لأنهما لأمر واحد أو الجزائية لكونهما جواباً للأمر أو زائدة على مذهب الأخفش أو هي عاطفة على اشفعوا، واللام للأمر أو على مقدر أي: اشفعوا لتؤجروا فلتؤجروا نحو {إِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة:40].
          فإن قلت: ما فائدة اللام؟ قلت: اشفعوا تؤجروا في تقدير إن تشفعوا تؤجروا والشرط متضمن للسببية فإذا ذكرت اللام فقد صرحت بالسببية.
          الطيبي: الفاء واللام مقحمان للتأكيد(1)؛ لأنه لو قيل اشفعوا صح أي: إذا عرض المحتاج حاجة علي فاشفعوا له إلي فإنكم إذا شفعتم حصل لكم الأجر سواء قبلت شفاعتكم أو لا ويجري الله على لسان(2) رسوله ما يشاء من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها أي: إن قضيتها أو لم أقضها فهو بتقدير الله وقضائه.
          قوله: (حفص) بالمهملتين ابن عمر و(سليمان) أي: الأعمش و(أبو وائل) بالهمز بعد الألف شقيق بفتح المعجمة وكسر القاف الأولى ابن سلمة بالمفتوحتين و(فاحشاً) أي: بالطبع و(متفحشا) أي: بالتكلف أي: لا ذاتيًّا ولا عرضيًّا قيل: الفحش القبح وكل سوء جاوز حده فهو فاحش أي: لم يكن متكلماً بالقبيح أصلاً و(الخلق) بالضم ملكة تصدر بها الأفعال بسهولة من غير تنكر.
          وفيه دليل لمن قال يجوز استعمال أفعل التفضيل من الخير والشر.
          قوله: (عبد الله بن أبي مليكة) مصغر الملكة و(يهود) غير منصرف و(العنف) ضد اللطف و(الفحش) التكلم بالقبيح و(يستجاب لي) لأنه بالحق و(لا يستجاب لهم) لأنه بالباطل والظلم.
          الخطابي: السام الموت دعوا عليه به وكان قتادة يروي ممدودة الألف من السآمة أي: تسأمون دينكم قال: ولم يكن من عائشة إفحاش في القول إلا دعاء عليهم بما هم أهل له من غضب الله وهم الذين بدؤوا بالقول السيئ فجازتهم على ذلك.
          و(الفحش) مجاوزة القصد في الأمور والخروج منها إلى الإفراط.
          قوله: (أصبغ) بفتح الهمزة والموحدة وسكون المهملة بينهما وبالمعجمة أخيراً القرشي و(عبد الله) ابن وهب و(أبو يحيى) هو فليح مصغر الفلح بالفاء واللام والمهملة ابن سليمان و(هلال بن أسامة) بضم الهمزة وهو المشهور بهلال بن علي تقدم في أول العلم.
          فإن قلت: ما الفرق بين هذه الثلاث؟ قلت: يحتمل أن يقال اللعنة تتعلق بالآخرة لأنها هي البعد عن رحمة الله تعالى والسبب بما يتعلق بالنسب كالقذف والفحش بالحسب.
          قوله: (المعتبة) بالفتح والكسر والموحدة السخط وقال الخليل: العتاب مخالطة الإدلال و(ما له) استفهام و(ترب جبينه) إذا أصابه التراب ويقال تربت يداك على الدعاء أي: لا أصبت خيراً.
          الخطابي: هذا الدعاء يحتمل وجهين إن نحر لوجهه فيصيب الترابُ جبينَه والآخر أن يكون دعاء له بالطاعة / ليصلي فيتترب جبينه وقيل الجبينان هما اللذان يكتنفان الجبهة فمعناه صرع لجبينه فيكون سقوط رأسه على الأرض من ناحية الجبين.
          قوله: (محمد بن سواء) بفتح المهملة وخفة الواو وبالمد السدوسي الكوفي و(روح) بفتح الراء و(الرجل) قالوا هو عيينة مصغر العين ابن حصن بكسر المهملة الأولى الفزاري ولم يكن أسلم وإن أظهر الإسلام فأراد النبي صلعم أن يبين حاله ليعرفه الناس و(العشيرة) القبيلة أي: بئس هذا الرجل منها وهو مثل قولك يا أخا العرب لرجل منهم وهذا الكلام من أعلام النبوة؛ لأنه ارتد بعده صلعم وجيء به أسيراً إلى أبي بكر ☺.
          قوله: (تطلق) أي: انشرح يقال: ما تتطلق نفسي لهذا الأمر أي: لا تنشرح ولا تنبسط.
          فإن قلت: كيف كان هذا الفعل بعد ذلك القول؟ قلت: لم يمدحه ولا أثنى عليه في وجهه فلا مخالفة بينهما، إنما ألان له القول تألفاً له ولأمثاله على الإسلام.
          وفيه مداراة من يتقى فحشه وجواز غيبة الفاسق المعلن بفسقه ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه.
          الخطابي: ليس قول رسول الله صلعم في أمته بالأمور التي يضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك ويفصح به ويعرف الناس أمره فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم وحسن الخلق أظهر له البشاشة ولم يجبهه لتقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله في مداراته ليسلموا من شره.
          الزركشي:
          (البر والصلة).
          (البوائق) جمع: بائقة، وهي الغائلة، يعني: غائلته وشره.
          (الفرسن) بكسر أوله وثالثه بعده نون: عظم قليل اللحم، وهو من الشاة كالحافر للدابة، وهو استعارة للشاة والذي لها الظلف، والنون زائدة، وقيل: أصلية.
          (أبو حصين) بفتح الحاء.
          (جائزته) قيل: ما يجوز به ويكفيه في يوم وليلة يستقبلهما بعد ضيافته.
          وقيل: بل تحفته والمبالغة في مكارمته، وفي باقي الثلاثة أيام ما حضره، وهذا تفسير مالك.
          وقيل: جائزته يوم وليلة حقه إذا اجتاز به، وثلاثة أيام إذا قصده.
          (والضيافة ثلاثة أيام) يجوز في ((ثلاثة)) الرفع والنصب.


[1] في هامش المخطوط: ((أي: تأكيد السببية)).
[2] في هامش المخطوط: في (خ): ((لساني)).