مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن

          ░102▒ باب قول النبي صلعم ((إنما الكرم قلب المؤمن))
          وقد قال: ((إنما المفلس الذي / يفلس)).. إلى آخره.
          ثم ذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم: ((ويقولون: الكرم)).
          قوله: (إنما الكرم قلب المؤمن) و(إنما المفلس) و(إنما الصرعة) إنما هو على المبالغة؛ أي: ليس المفلس كل الإفلاس إلا من لم يكن له حسنات يوم القيامة؛ من أجل أنه قد يكون في الدنيا مفلساً من المال، وهو غني يوم القيامة بحسناته، والمعنى في الدنيا قد يكون مفلساً يوم القيامة، وهذا على المبالغة وكذلك الصرعة ليس الذي يغلب الناس ويصرعهم بقوته، إنما الصرعة الذي يملك نفسه.
          قال المهلب: وغرضه في هذا الباب والله أعلم: أن يعرف بمواقع الألفاظ المشتركة، وأن يقتصر في الوصف على ترك المبالغة والإغراق في الصفات إذا لم يستحق الموصوف ذلك، ولا يبلغ النهايات في ذلك إلا في مواضعها وحيث يليق الوصف بالنهاية.
          واعترض ابن التين فقال: الظاهر أن (خ) إنما أراد ما قد يكون في مواضع ليست تخص الحكم بالمذكور وتنفيه عما عداه؛ لأن إنما عند أهل النحو واللغة؛ للحصر والقطع كقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء} [التوبة:60] الآية. فأورد (خ) هذا؛ لأنها قد تقع لغير الحصر، ويدل على ذلك تشبيهه بقوله: ((لا ملك إلا الله))، ثم قال: (إن الملوك إذا دخلوا قرية).
          قوله: (إنما المفلس) قال ابن فارس: يقال: أفلس إذا صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم.
          وقال الجوهري: كأنما صارت دراهمه فلوساً وزيوفاً. كما يقال: أخبث إذا صار أصحابه خبثاء، وأقطف صارت دابته قطوفاً، ويجوز أن يراد به صار إلى حال يقال فيها: ليس معه فلس، كما يقال: أقهر الرجل صار إلى حال يقهر عليها، وإذا صار إلى حال يذل فيها، وقد أفلسه القاضي تفليساً: إذا نادى عليه أنه أفلس.
          قوله: (إنما الكرم قلب المؤمن) أي: لما فيه من نور الإيمان والتقوى. قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] وقال في الباب قبله: ((لا تسموا العنب الكرم))، وهذا هو المشهور في اللغة أن الكرم بسكون الراء: العنب. قال الأزهري: سمي العنب كرماً؛ لكرمه؛ وذلك أنه ذلل لقاطفه، وليس عليه سلاء فيعقر صاحبه ويحمل الأصل منه مثل ما تحمل النخلة وأكثر، وكل شيء كبر فقد كرم.
          وقال ابن الأنباري: سمي كرماً؛ لأن الخمر منه وهي تحث على السخاء وتأمر بمكارم الأخلاق، كما سموها راحاً.
          ولذلك قال: ((لا تسموا العنب الكرم)) كره أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وجعل المؤمن الذي يتقي شربها، ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الاسم الحسن؛ تأكيداً لحرمته، وأسقط الخمر عن هذه الرتبة؛ تحقيراً لها.
          وقيل: تأكيداً لتحريمها؛ وسلباً للفضيلة بتغيير اسمها المأخوذ عندهم من اسم الكرم، إذ في تسليم هذا الاسم لها تقوله عراه فيها بأمر كأن لا تدعى كرماً، وأن لا تسمى مواضعها وأشجارها حدائق الأعناب.
          وقال أبو حاتم: قال رجل من أهل الطائف:
شققت من الصبا واشتق مني                     كما اشتقت من الكرم الكروم
          قال والدي ⌂:
          (باب علامة الحب في الله) هذا اللفظ يحتمل أن يراد به محبة الله تعالى للعبد فهو المحب وأن يراد محبة العبد لله تعالى فهو المحبوب، وأن يراد المحبة بين العباد / في ذات الله تعالى وجهته لا يشوبه الرياء والهوى، والآية مساعدة للأولين وإتباع الرسول صلعم علامة للأولى؛ لأنها مسببة للإتباع وللثانية لأنها سببه وأما المحبة فهي إرادة الخير فمن الله تعالى إرادة الثواب ومن العبد إرادة الطاعة.
          قوله: (بشر) بالموحدة المكسورة وإسكان المعجمة ابن خالد و(سليمان) هو الأعمش و(أبو وائل) بالهمز بعد الألف و(جرير) بفتح الجيم وكسر الراء الأولى ابن عبد الحميد الرازي و(لم يلحق بهم) أي: في العمل والفضيلة فقال رسول الله صلعم: ((المرء مع من أحب)) أي: في الجنة يعني: هو ملحق بهم داخل في زمرتهم ألحقه صلعم بحسن النية من غير زيادة عمل بأصحاب الأعمال الصالحة.
          قال ابن بطال: فيه أن من أحب عبداً في الله تعالى، فإن الله يجمع بينهما في جنته وإن قصر في عمله، وذلك لأنه لما أحب الصالحين لأجل طاعتهم أثابه الله تعالى ثواب تلك الطاعة، إذ النية هي أصل والعمل تابع لها، {اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].
          قوله: (جرير) بفتح الجيم ابن حازم بالمهملة والزاي البصري و(سليمان ابن قرم) بفتح القاف وسكون الراء الضبي و(أبو عوانة) بتخفيف الواو وبالنون، اسمه الوضاح و(لما [يلحق]) في كلمة لما إشعار بأنه يتوقع اللحوق؛ يعني: هو قاصد لذلك ساع في تحصيل تلك المرتبة له و(محمد بن عبيد) مصغر ضد الحر.
          قوله: (عبدان) هو ابن عثمان المروزي و(عمرو بن مرة) بضم الميم وشدة الراء و(سالم بن أبي الجعد) بفتح الجيم وتسكين المهملة الأولى.
          فإن قلت: كيف طابق ما أعددت لها للسؤال؟ قلت: سلك مع السائل طريق الأسلوب الحكيم وهو تلقي السائل بغير ما يطلب مما يهمه.
          و(الكبر) بالموحدة، وفي بعضها بالمثلثة.
          قوله: (أخسأ) يقال: خسأت الكلب إذا طردته فهو متعد، وخسأ الكلب بنفسه فهو لازم، وقيل: هو زجر للكلب وإبعاد له قال تعالى: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:108] أي: ابعدوا بعد الكلاب ولا تكلمون في رفع العذاب عنكم، وكل من عصى الله تعالى سقطت حرمته فجاز خطابه بنحوه من الغلظة والذم ليرجع عن ذلك.
          قوله: (أبو الوليد) هو هشام الطيالسي و(سلم) بفتح المهملة وإسكان اللام، ابن زرير بفتح الزاي وكسر الراء الأولى وقيل بضم الزاي وفتح الراء البصري و(أبو رجاء) ضد: الخوف عمران العطاردي.
          قوله: (خبيئاً) بفتح المعجمة وكسر الموحدة فعيل و(الدخ) بضم المهملة وشدة المعجمة هو الدخان و(اخسأ) أي: اسكت صاغرا مطرودا وفي بعضها: اخس بحذف الهمزة و(قبل) بكسر القاف أي: جهة و(الأطم) بضم الهمزة والمهملة الحصن و(مغالة) بفتح الميم وبالمعجمة، كل ما كان على يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد رسول الله صلعم و(الحلم) أي البلوغ و(الأميون) أي العرب و(رضه) بالمعجمة أي: دفعه حتى وقع وتكسر وبالمهملة إذا قرب بعضه من بعض قال تعالى: {كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4] أي: ضغطه.
          الخطابي: إعجام الصاد غلط، والصواب رصه بالمهملة، وقال قيل: أراد أن يقول الدخان فلم يمكنه؛ لأنه كان في لسانه شيء، قال ولا معنى للدخان هنا لأنه ليس مما يخبأ في الكم أو الكف، بل الدخ نبت موجود بين النخيلات إلا أن يكون معنى خبأت أضرمت لك اسم الدخان أو آية الدخان وهي {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان:10] وهو لم يهتد منها إلا لهذا اللفظ الناقص على عادة الكهنة، ولهذا قال له لن تجاوز قدرك وقدر أمثالك من الكهان الذين / يخطفون من إلقاء الشيطان كلمة واحدة من جملة كبيرة مختلطة صدقاً وكذباً بخلاف الأنبياء ‰، فإنهم يوحى إليهم من علم الغيب واضحاً جليًّا.
          قوله: (إن يكن) هو لفظ تأكيد للضمير المستتر، أو وضع هو موضع إياه وهو راجع إلى الدخان وإن لم يتقدم ذكره لشهرته.
          فإن قلت: لم منع رسول الله صلعم من ضرب العنق وهو يدعي النبوة بحضرته؟ قلت: كان غير بالغ أو كان في أيام مهادنة اليهود(1).
          قوله: (يؤمان) أي يقصدان و(يختل) بسكون المعجمة وكسر الفوقانية أي: يطلب مستغفلاً له ليسمع شيئاً من كلامه الذي يقوله هو في خلوته ليظهر للصحابة حاله في أنه كاهن و(القطيفة) كساء مخمل و(الزمزمة) بالزاي المكررة الصوت الخفي وكذا بالزاي وفي بعضها زمزة أي: إشارة وفي بعضها زمرة من المزمار و(صاف) بالمهملة والفاء ولو تركته أمه بحيث لا يعرف قدوم رسول الله صلعم بين لكم باختلاف كلامه ما يهون عليكم أمره وشأنه، مر الحديث في كتاب الجنائز في باب إذا أسلم الصبي.
          قوله: (لقد أنذره نوح) فإن قلت: ما وجه التخصيص به وقد عمم أولاً حيث قال ما من نبي قلت: لأنه أبو البشر الثاني وذريته هم الباقون في الدنيا ومر في كتاب الأنبياء.
          فإن قلت: كونه غير إله معلوم بالبراهين القاطعة فما فائدة ذكر أنه ليس بأعور؟ قلت: هذا مذكور للقاصرين عن إدراك المعقولات.
          (باب قول الرجل مرحبا) قيل هو منصوب بالمصدرية وقيل: بأنه مفعول به أي أتيت أو لقيت سعةً لا ضيقاً قيل فيه معنى الدعاء.
          و(أم هانئ) بالنون بين الألف والهمزة، فاختة بالفاء والمعجمة والفوقانية بنت أبي طالب.
          قوله: (عمران بن ميسرة) ضد: الميمنة و(أبو التياح) بفتح الفوقانية وشدة التحتانية وبالمهملة، يزيد من الزيادة و(أبو جمرة) بالجيم والراء، نصر بسكون المهملة الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة وبالمهملة و(عبد القيس) هم من أولاد ربيعة بفتح الراء، كانوا ينزلون حوالي القطيف و(خزايا) جمع: الخزيان، وهو المفتضح أو الذليل أو المستحي و(النداما) جمع: الندمان بمعنى النادم و(مضر) بضم الميم وفتح المعجمة وبالراء قبيلة.
          وقال (إلا في الشهر الحرام) يعني رجباً وذا القعدة وذا الحجة ومحرماً، وذلك لأن العرب كانوا لا يقاتلون فيها و(فصل) أي: فاصل بين الحق والباطل أو مفصل واضح.
          قوله: (أعطوا) إنما ذكره لأنهم كانوا أصحاب غنائم ولم يذكر الحج إما لأنه لم يفرض حينئذ أو لعلمه بأنهم لا يستطيعونه و(الدباء) بتشديد الموحدة والمد اليقطين و(الحنتم) بالمهملة والنون والفوقانية، الجر الأخضر و(النقير) فعيل بمعنى المنقور أي: الجذع الذي ينقر وينبذ فيه و(المزفت) أي: المطلي بالزيت أي: القار كانوا ينبذون في هذه الأوعية وقد كانت تسرع إليه الإسكار ولمتانتها لا يشعر صاحبها بأنها صارت مسكرة، ومر الحديث في آخر كتاب الإيمان.
          قوله: (الغادر) أي: الناقض للعهد الغير الوافي به و(اللواء) العلم كان الرجل في الجاهلية إذا غدر رفع له أيام الموسم لواء ليعرفه الناس فيتجنبونه والنصب والرفع هاهنا بمعنى واحد فلا فرق بين الروايتين، قال ابن بطال: والدعاء بالآباء أشد في التعريف وأبلغ في التمييز.
          وفيه رد لقول من زعم أنه لا يدعى الناس يوم القيامة إلا بأمهاتهم؛ لأن في ذلك ستر على آبائهم.
          وفيه جواز الحكم بظواهر الأمور وقال لفظ (لقست) بكسر القاف وبالمهملة بمعنى: خبثت لكن كره لفظ الخبث، إذ الخبث حرام على المؤمنين، قال: وليس النهي على سبيل الإيجاب وإنما / هو من باب الأدب، وقد قال صلعم في الذي يعقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد ((أصبح الخبيث النفس كسلان)).
          وقال القاضي الفرق: أن النبي صلعم يخبر هناك عن صفة شخص مبهم مذموم الحال لا يمتنع إطلاق هذا اللفظ عليه.
          الخطابي: لقست وخبثت واحد في المعنى ولكنه استقبح لفظ خبثت فاختار لفظاً بريئاً من البشاعة سليماً منها وكان من سنته تبديل الاسم القبيح بالحسن.
          قوله: (أبو أمامة) بضم الهمزة ابن سهل بن سعد الساعدي، قوله: (أنا الدهر) أي المدبر أو صاحب الدهر أو مقلبه أو مصرفه، ولهذا عقبه بقوله (بيدي الليل والنهار).
          فإن قلت: لم عدل عن الظاهر؟ قلت: الدلائل العقلية موجبة للعدول، وفي بعض الروايات بالنصب أنا باق أو ثابت في الدهر.
          الخطابي: كانوا يضيفون المصائب إلى الدهر وهم في ذلك فريقان: الدهرية، والفرقة الثانية المعترفون بالله لكنهم ينزهونه أن ينسب إليه المكاره فيضيفونها إلى الدهر، والفريقان كانوا يسبون الدهر ويقولون: يا خيبة الدهر يقال لهم لا تسبوه على معنى أنه الفاعل، فإن الله هو الفاعل فإذا سببتم الذي أنزل بكم المكاره رجع إلى الله تعالى وتقدس، فمعناه أنا مصرف الدهر فحذف اختصاراً للفظ واتساعاً في المعنى، ومر الحديث في سورة الجاثية وهو من الأحاديث القدسية.
          قوله: (عياش) بالمهملة وشدة التحتانية وبالمعجمة، ابن الوليد البصري و(الكرم) بإسكان الراء شجر العنب و(خيبة) مفعول مطلق أي: لا تقولوا هذه الكلمة أو لا تقولوا ما يتعلق بخيبة الدهر ونحوها ولا تسبوه فإن فاعل الأمور هو الله تعالى و(الصرعة) بضم المهملة وفتح الراء بمعنى الصراع؛ أي: الذي تغلب على الناس كثيراً ويقدر على صرعهم وطرحهم على الأرض و(انتهاء الملك) عبارة عن انقطاع الملك عنده.
          وغرض (خ) أن هذه العبارات للحصر إذ ما وإلا صريح في النفي والإثبات وإنما [هو بمعناهما] فمقتضاها أن لا يطلق لفظ الكرم إلا على القلب، وكذا لفظ الملك إلا على الله لكنه قد أطلق على غيره فتحقيقه أنه حصر على سبيل الإدعاء كان الكرم الحقيقي هو القلب والشجر مجاز، وكذلك الملك حقيقة هو الله تعالى والباقي بالتجوز.
          الخطابي: نهى عن تسمية العنب كرماً لتوكيد تحريم الخمر ولتأييد النهي عنها لمحو اسمها، ولما كان في تسليم هذا الاسم لها تقريراً لما كانوا يتوهمونه من التكرم في شربها فقال: إنما الكرم قلب المؤمن بما فيه من نور الإيمان وتقوى الإسلام قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13].
          قال ابن بطال: كلمة إنما هي للمبالغة والوصف بالنهاية وقال سمي الكرم كرماً لأن الخمر المشروبة من عنبه تحث على الكرم، فكره أن يسمي أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم، وجعل المؤمن الذي يتقي شربها ويرى الكرم في تركها أحق بهذا الاسم الحسن.
          قوله: (يقولون الكرم) بالرفع مبتدأ خبره محذوف أو بالعكس يعني: يقولون لشجر العنب الكرم.
          الزركشي:
          (سلم) بفتح السين.
          (ابن زرير) بفتح الزاي وكسر الراء.
          (فرضه) بالضاد المعجمة، وقال الخطابي: إنما هو بالصاد المهملة، أي: ضم بعضه إلى بعض، ووقع في (م): ((فرفضه)) / ، وقال المازري: أقرب منه أن يكون ((فرفسه)) بالسين؛ أي: ركله.
          (لا يقل: خبثت نفسي) بضم الباء، ويقع في بعض الأصول بفتحها، والصواب الضم، وإنما كره هذه اللفظة واختار كلمة سليمة مما يستتبع؛ لأن من سنته صلعم تغيير الاسم القبيح إلى الحسن، يقال: لقست نفسه إذا غثت.
          (وأنا الدهر) بالرفع، وقيل: بالنصب، وسبق في التفسير.
          (ثنا عياش بن الوليد) بمثناة من تحت وآخره شين معجمة.
          (وإنما الكرم قلب المؤمن) أي: لأنه محل التقوى، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]، فحرم تسميته كما حرم الله شرب مسكره والغرض تأكيد تحريمها ومحو هذا الاسم عنها؛ لأن في إبقائه تقريراً لما كانوا يتوهمون به من التكرم في شربها، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          (الدخ) بضم الدال وفتحها الدخان، وفسر في الحديث أنه أراد بذلك {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الدخان:10]، وقيل: إن الدجال يقتله عيسى ابن مريم بجبل الدخان فيحتمل أن يكون أراده تعريضاً بقتله لأن ابن صياد كان يظن أنه الدجال.
          قوله: (يختل) يقال ختله يختله إذا خدعه وراوغه، وختل الذنب الفضيلة إذا يختاله.
          قوله: (إنما الكرم قلب المؤمن) قيل: سمي الكرم كرماً؛ لأن الخمر المتخذة منه تحث على السخاء والكرم فاشتقوا له منه أسماء فكره أن يسمى باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن أولى به فقال رجل كرم أي كريم وصف بالمصدر كرجل عدل وضيف.
          قال الزمخشري: أراد أن يقري ويشدد ما في قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] بطريقة أنيقة ومسلك لطيف، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الإشارة إلى أن المسلم التقي جدير بأن لا يشارك في أسماء الله تعالى.
          قوله: (فإنما الكرم الرجل المسلم) أي: إنما المستحق للاسم المشتق من الكرم الرجل المسلم.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: قوله (غير بالغ) لا فائدة فيه لأن غير المكلف لا يقيد بأقواله وأفعاله ولا يؤاخذ بما يفعله ويقوله من المحرمات وقوله في أيام المهادنة أيضاً لا يصح، فإن مثل هذا القول مما ينقض عند المهادن والمعاهد، وأيضاً لو كان دون البلوغ لما كان النبي ◙ يتوجه إليه ويسأله ويسمع كلامه ويصغي إلى ما يقوله ويبقى بجذوع النخل.. إلى آخره، فالظاهر أنه كان بالغاً)).