مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم

          ░55▒ باب من أثنى على أخيه بما يعلم
          وقال سعد: ما سمعت النبي صلعم يقول لأحد الحديث.
          وسلف فضائل ابن سلام مسنداً.
          ثم ساق حديث ابن عمر: أنه ◙ حين ذكر في الإزار ما ذكر، قال أبو بكر: يا رسول الله، الحديث.
          فيه: أنه يجوز الثناء على الناس بما فيهم، على وجه الإعلام بصفاتهم؛ لتعرف لهم سابقتهم، وتقدمهم في الفضل، فينزلوا منازلهم ويقدموا على من لا يساويهم، ويقتدى بهم في الخير، ولو لم يجز وصفهم بالخير والثناء عليهم بأحوالهم لم يعلم أهل الفضل من غيرهم. ألا ترى أنه ◙ خص(1) أصحابه بخواص من الفضائل بانوا بها على سائر الناس، وعرفوا بها إلى يوم القيامة، يشهد للعشرة بالجنة، كما شهد لعبد الله بن سلام.
          وليس عدم سماع سعد بمعارض لمن سمعه يشهد لذلك لغيره، بل يأخذ كل واحد بما سمع.
          وكذلك قال ◙ للصديق: ((كل الناس قال لي: كذبت وقال لي أبو بكر: صدقت)).
          وروى معمر، عن قتادة، عن أبي قلابة: قال النبي صلعم: ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم أبي، وأفرضهم زيد)).
          قال والدي ⌂:
          (باب ما يكره من النميمة).
          قوله: (يهمز) الكشاف (الهمز) الكسر و(اللمز) / الطعن والمراد الكسر من أعراض الناس والغض منهم واغتيابهم والطعن فيهم.
          قوله: (إبراهيم) أي النخعي و(همام) أي ابن الحارث النخعي الكوفي و(حذيفة) أي: ابن اليمان و(يرفع الحديث) أي: حديث الناس وكلامهم و(القتات) بالقاف النمام وقيل النمام هو الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم والقتات هو الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون ثم ينم به ومعناه لا يدخل مع السابقين أو إذا كان مستحلًّا.
          قوله: (ابن أبي ذئب) محمد و(المقبري) هو سعيد بن كيسان و(لم يدع) أي: لم يترك و(الزور) هو الكذب و(العمل به) أي: بمقتضاه مما نهى الله عنه و(الجهل) أي: فعل الجهال أو السفاهة على الناس إذ جاء الجهل بمعناها كقوله:
ألا لا يجهلن أحد علينا                     فنجهل فوق جهل الجاهلينا
          القاضي البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش بل ما يتبعه من كسر الشهوات وإطفاء ثائرة الغضب وتطويع النفس الأمارة للطمأنينة، فإذا لم يحصل له شيء من ذلك لم يبال الله بصومه ولا يقبله.
          و(ليس لله حاجة) مجاز عن عدم القبول مر في كتاب الصوم.
          قوله: (أحمد) أي: ابن يونس (أفهمني) أي كنت نسيت هذا الإسناد فذكرني رجل إسناده أو أراد رجل عظيم والتنوين يدل عليه والغرض مدح شيخه ابن أبي ذئب أو رجل آخر غيره أفهمني.
          قوله: (عمر بن حفص) بالمهملتين ابن غياث بكسر المعجمة وخفة التحتانية وبالمثلثة و(شر الناس) في بعضها: أشر الناس بلفظ الأفعل وهو لغة فصيحة وإنما كان أشر لأنه يشبه النفاق و(هؤلاء) أي: طائفة أي يأتي كل طائفة ويظهر عندهم أنه منهم ومخالف للآخرين مبغض لهم، إذ لو أتى كل طائفة بالإصلاح ونحوه لكان محموداً.
          قوله: (قسم) أي: يوم حنين وقد أعطى الأقرع بن حابس بالمهملة والموحدة ثم المهملة، مائة من الإبل ومر الحديث في الجهاد في باب ما كان النبي صلعم يعطي المؤلفة و(تمعر) بصيغة الماضي من التمعر بالمهملة والراء أي: تغير لونه.
          ومراد (خ) من هذا الباب استثناؤه من باب النميمة وبيان جواز النقل على وجه النصيحة.
          قوله: (محمد بن الصباح) بتشديد الموحدة البغدادي و(إسماعيل بن زكرياء) منصوباً وممدوداً الأسدي و(بريد) مصغر البرد ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الموحدة و(الإطراء) مجاوزة الحد في المدح و(قطع الظهر) مجاز عن الإهلاك بمعنى: أوقعتموه في الإعجاب بنفسه الموجب لهلاك دينه.
          قوله: (خالد) أي: الحذاء و(أبو بكرة) هو نفيع مصغر ضد الضر الثقفي و(ذكر) بلفظ المجهول و(قطع العنق) قيل: هو استعارة من قطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك، لكن هذا الهلاك في الدين وقد يكون من جهة الدنيا و(لا محالة) بفتح الميم أي: لا بد و(الله حسيبه) يعني: يحاسبه على عمله الذي يحيط بحقيقة حاله وهي جملة اعتراضية.
          الطيبي: هي من تتمة القول والجملة الشرطية حال من فاعل فليقل.
          و(على الله) فيه معنى(2) الوجوب والقطع والمعنى / فليقل أحسب فلاناً كيت وكيت إن كان يحسب ذلك والله يعلم سره فيما فعل فهو يجازيه ولا يقل أتيقن أنه محسن والله شاهد عليه على الجزم وأن الله يجب عليه أن يفعل كذا وكذا، وقيل: لا يزكي أي: لا يقطع على عاقبة أحد ولا على ما في ضميره؛ لأن ذلك مغيب عنه.
          قوله: (وهيب) مصغراً و(خالد) أي: الحذاء، والفرق بين ويلك وويحك أن ويحك كلمة رحمة وويلك كلمة عذاب وقيل هما بمعنى واحد.
          قوله: (سعد) أي: ابن أبي وقاص.
          فإن قلت: فعبد الله بن سلام من المبشرين بالجنة فلا ينحصر في العشرة؟ قلت: التخصيص بالعدد لا ينفي الزائد أو المراد بالعشرة الذين بشروا بها دفعة واحدة وإلا فالحسن والحسين وأمهما(3) وأزواج النبي صلعم بالاتفاق من أهل الجنة.
          فإن قلت: مفهوم التركيب أنه منحصر في عبد الله فقط؟ قلت: غايته أن سعداً لم يسمعه أو لم يقل لأحد غيره حال المشي على الأرض(4).
          قوله: (موسى بن عقبة) بضم المهملة وإسكان القاف وبالموحدة و(سالم) هو ابن عبد الله بن عمر وما ذكر هو من جر ثوبه خيلاء إلى آخره، مر في أول كتاب اللباس ولست منهم لأنك لا تجره للخيلاء والتكبر.
          فإن قلت: ما وجه الجمع بين مدح رسول الله صلعم لعبد الله ولأبي بكر ☻ وما نهى عن المدح؟ قلت: النهي محمول على المجازفة فيه والزيادة في الأوصاف أو على من يخاف عليه فتنة بإعجاب ونحوه وأما ما لا يكون كذلك أو من لا يخاف عليه ذلك لكمال عقله ورسوخ تقواه فلا نهي فيه بل ربما كان مصلحة والله أعلم.
          الزركشي:
          (لا يدخل الجنة قتات) هو من يسمع الحديث فينم فلا يشعر صاحبه بفعله، والنمام: من يجلس معه ثم ينم حديثه.


[1] في المخطوط: ((رخص)) ولعل الصواب ما أثبتناه.
[2] في هامش المخطوط: في (خ): ((بمعنى)).
[3] في هامش المخطوط: ((أقول: في أي وقت بشر العشرة دفعة ينظر هذا وكذلك بناته الثلاثة الباقيات الصالحات)).
[4] في هامش المخطوط: ((أقول: ويحتمل أن يكون نساؤه الباقين بعده)).