مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب ما جاء في زعموا

          ░94▒ باب ما جاء في زعموا
          فيه حديث أم هانئ، وفيه: زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً.. وسلف.
          يقال: زعم زعماً، وزُعما، ذكر خبراً لا يدري أحق هو أم باطل، وزعمت غير مزعم أي: قلت غير مقول، وادعيت ما لا يمكن.
          ذكره صاحب ((الأفعال)) وكثر الزعم أيضاً بمعنى القول.
          وفي الحديث عن رسول الله: ((زعم جبريل)). وفي حديث ضمام: زعم رسولك.
          وقد أكثر سيبويه في كتابه من قوله: زعم الخليل كذا في أشياء يرتضيها. وقد روي عن رسول الله أنه قال: ((زعموا بئس مطية الرجل)) رواه وكيع، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود وعن أبي عبد الله، عن النبي صلعم. ومعناه: أن من أكثر من الحديث مما لا يصح عنده ولا يعلم صدقه، لم يؤمن عليه الكذب. وفائدة حديث أم هانئ: أنه ◙ لم ينكر عليها هذه اللفظة، ولا جعلها كاذبة بذكرها.
          قوله: (مرحبا): أي: أتيت سعة، وقد يزيدون فيه: وأهلا، أي: أتيت سعة وأهلاً تستأنس، ولا تستوحش، ورحب به إذا قال له: مرحباً.
          قولها: (فصلى ثمان ركعات) ادعى ابن التين أن صوابه: (ثماني)، مثل: {ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص:27]، ولا يسلم له.
          قولها: (أجرته) أي: أمنته، ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ} [المؤمنون:88] أي: يؤمن من أخافه غيره، ومن أخافه هو لم يؤمنه أحد. ومعنى: (أجرنا من أجرت): وأمنا من أمنت.
          وفيه: أمان المرأة، خلافاً لعبد الملك، وعند أبي الفرج أن الإمام يكون مخيراً فيمن أمنته المرأة. قيل كانت أم هانئ أخت رسول الله صلعم من الرضاعة.
          قال والدي ⌂:
          (باب هجاء المشركين) وهو الذم في الشعر.
          و(محمد) هو ابن سلام و(عبدة) ضد الحرة ابن سليمان و(لأسلنك) أي لأتلطفن في تخليص نسبك من هجوهم بحيث لا يبقى جزء من نسبك فيما ناله الهجو كالشعرة إذا سُلت من العجين لا يبقى شيء منه عليها.
          قوله: (أسب) لأنه كان موافقاً لأهل الإفك فيه و(ينافح) بإهمال الحاء أي: يدافع عنه ويخاصم عنه مر في مناقب قريش.
          قوله: (أصبغ) بفتح الهمزة والموحدة وسكون المهملة بينهما وبالمعجمة آخراً (والهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتانية وفتح المثلثة، ابن سنان بكسر المهملة وخفة النون الأولى و(القصص) بكسر القاف وفتحها و(الرفث) الفحش من القول و(ابن رواحة) بفتح الراء وخفة الواو وبالمهملة عبد الله ☺ و(الساطع) المرتفع و(العمى) أي: الضلال.
          وفي البيت الأول إشارة إلى علم رسول الله صلعم، وفي الثالث إلى عمله فهو كامل علماً وعملاً وفي الثاني إلى تكميل الغير فهو كامل مكمل صلعم مر في كتاب التهجد.
          قوله: (الزبيدي) مصغر الزبد بالزاي والموحدة والمهملة محمد بن الوليد السامي و(الأعرج) عبد الرحمن و(سعيد) هو ابن المسيب و(إسماعيل) هو ابن أبي أويس مصغر الأوس وأخوه عبد الحميد و(سليمان) هو ابن بلال و(محمد بن عبد الله بن أبي عتيق) بفتح المهملة الصديقي و(نشدتك الله) أي: أقسمت عليك بالله وسألتك به و(أجب عنه) أي دافعاً عنه و(التأييد) التقوية و(روح القدس) بضم الدال وسكونها جبريل ◙ مر في أول كتاب الصلاة قال ابن بطال: هجو الكفار من أفضل الأعمال وكفى بقوله: (اللهم أيده) فضلاً وشرفاً للعمل والقائل به، وهذا إذا كان جواباً عن سبهم للمسلمين بقرينة ما قال أجب.
          أقول ولهذا قال تعالى: / {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا} [الأنعام:108] وقال وأما قوله: كيف بنسبي فمعناه كيف تهجوهم ونسبي الشريف المهذب فيهم فقال لأخلصنك منه بأن أهجوهم بأفعالهم وبما يختص عادة بهم.
          قوله: (البراء) بتخفيف الراء والمد (ابن عازب) بالمهملة والزاي و(جبريل معك) أي: بالتأييد والمعاونة.
          قوله: (الغالب) بالرفع والنصب و(يصده) أي: يمنعه و(حنظلة) بفتح المهملة والمعجمة وسكون النون بينهما الجمحي بضم الجيم وفتح الميم وبالمهملة و(القيح) المدة لا يخالطها الدم و(عمر بن حفص) بالمهملتين و(يريه) مشتق من الورى يقال: ورى القيح جوفه يريه وريا نحو وقى يقي أي أكله.
          وقال أبو عبيد: الوري هو أن يأكل القيح جوفه ويفسده، وفيه أنه قد رخص في القليل من الشعر والمذموم هو الامتلاء والغالب عليه.
          قوله: (أفلح) بفتح الهمزة واللام وبالفاء والمهملة و(أبو القعيس) مصغر القعس بالقاف والمهملتين و(تربت يمينك) هي كلمة جارية على لسان العرب لا يريدون بها الدعاء عليهم ووقوع الأمر، تقدم في كتاب الشهادات وفي الرضاع.
          قوله: (الحكم) بالمفتوحتين و(الأسود) ضد الأبيض و(ينفر) بكسر الفاء أي: يرجع من الحج و(الخباء) بالمد الخيمة و(الكئيبة) من الكآبة وهي سوء الحال والانكسار من الحزن و(عقرا حلقا) أي: عقر الله جسدها وأصابها وجع في حلقها وربما قالوا عقرى حلقى بلا تنوين فهو نعت وقيل مصدر كدعوى وقيل جمع عقير وحليق سبق في كتاب الحج وهذه كلمة اتسعت فيها العرب لا سيما قريش فيطلقونها ولا يريدون بها حقيقة معناها و(أفضت) يعني: طفت طواف الإفاضة؛ أي: حيث فرغت من طواف الركن لا يجب عليك الوقوف لطواف الوداع فارجعي غير محزونة لتمام أركان حجك.
          قوله (في زعموا) أي في قول زعموا واستعمال لفظ الوداع وفي المثل زعموا مظنة الكذب و(عبد الله بن مسلمة) بفتح الميم واللام القعنبي وفي بعضها محمد بن سلمة وهو مشهور و(أبو نضر) بفتح النون وإسكان المعجمة سالم و(أبو مرة) بضم الميم وشدة الراء مولى أم هانئ بكسر النون وقيل: بالهمز واسمها: فاختة بالفاء والمعجمة والفوقانية بنت أبي طالب و(ثمان) بفتح النون و(انصرف) أي: من الصلاة و(زعم) أي: قال وهو قد يستعمل في القول المحقق و(ابن أمي) يعني عليا ☺، وقاتل اسم فاعل بمعنى الاستقتال و(أجرته) بقصر الهمزة؛ أي: أمنته وجعلته ذا أمن وأجزت له بالدخول في دار الإسلام و(قال ابن هبيرة) مصغر الهبرة بالموحدة والراء قيل اسمه الحارث ابن هشام المخزومي مر في أول كتاب الصلاة.
          وفيه ندبية صلاة الضحى والترحيب للداخل وجواز إجارة الكافر.
          قال ابن بطال: يقال زعم إذا ذكر خيراً لا يدري أحق أم باطل، وقد روي في الحديث زعموا بئس الرجل ومعناه أن من أكثر الحديث بما لا يعلم صدقه لم يؤمن عليه الكذب.
          وفائدة حديث أم هانئ أنها تكلمت بهذه الكلمة ولم ينكرها صلعم ولا جعلها كاذبة بذكرها.
          الزركشي:
          (ينافح) يدافع.
          (لأن يمتلئ جوف رجل قيحا يريه) بفتح أوله وإسكان ثالثه، وقال أبو الفرج في حديث سعد: ((حتى يريه)) وهاهنا بإسقاط ((حتى))، فيرى جماعة من المبتدئين ينصبون ((يريه)) هاهنا جرياً على العادة في قراءة الحديث الذي فيه حتى وليس هاهنا ما ينصب، سمعته من ابن الخشاب.
          قلت: رواه الأصيلي بالنصب على بدل الفعل من الفعل وإجراء إعراب ((يمتلئ)) على ((يريه))، وهو من الوري: الداء / ، يقال: ورى يوري فهو موري إذا أصاب جوفه الداء، قال الجوهري: الوري بوزن الرمي داء يدخل الجوف، وقال الفراء: هو الورى بفتح الراء، وقال ثعلب: هو بالسكون المصدر، وبالفتح الاسم، وقال الجوهري: ورى القيح جوفه يريه ورياً أكله، وقيل: معناه حتى يصيب رئته ورد بأن الرئة مهموز.
          ووجه مطابقة هذا الحديث للترجمة بالمفهوم؛ لأنه إنما ذم الامتلاء الذي لا متسع له مع غيره يدل على أن ما دون ذلك لا يدخله الذم.
          وحديث أم هانئ سبق في الصلاة، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          إنما يقال زعم في حديث لا سند له ولا ثبت فيه وإنما يحكى عن الألسن على سبيل البلاغ قدم من الحديث ما كان هذا سبيله.
          و(الزعم) بالضم والفتح قريب من الظن.
          قوله: (خير له من أن يمتلئ شعراً هجيت به) كذا في مسند أبي يعلى من رواية محمد بن المنكدر عن جابر.
          قوله: (فلان بن هبيرة) هو ابنها اسمه: جعد بن هبيرة.