-
مقدمة
-
فصل أقدمه قبل الشروع في المقدمات
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
باب مواقيت الصلاة وفضلها
-
باب بدء الأذان
-
باب فرض الجمعة
-
باب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
كتاب الزكاة
-
باب فرض صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
كتاب جزاء الصيد
-
أبواب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
أبواب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
[كتاب الاستقراض]
-
باب ما يذكر من الإشخاص والملازمة
-
باب في اللقطة إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه
-
[كتاب المظالم]
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد
-
كتاب فرض الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
[كتاب] فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
باب: من أحق الناس بحسن الصحبة
-
باب: لا يجاهد إلا بإذن الأبوين
-
باب: لا يسب الرجل والديه
-
باب إجابة دعاء من بر والديه
-
باب: عقوق الوالدين من الكبائر
-
باب صلة الوالد المشرك
-
باب صلة المرأة أمها ولها زوج
-
باب صلة الأخ المشرك
-
باب فضل صلة الرحم
-
باب إثم القاطع
-
باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم
-
باب: من وصل وصله الله
-
باب: يبل الرحم ببلالها
-
باب: ليس الواصل بالمكافى
-
باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم
-
باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به أو قبلها أو مازحها
-
باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته
-
باب: جعل الله الرحمة مئة جزء
-
باب قتل الولد خشية أن يأكل معه
-
باب وضع الصبي في الحجر
-
باب وضع الصبي على الفخذ
-
باب: حسن العهد من الإيمان
-
باب فضل من يعول يتيمًا
-
باب الساعي على الأرملة
-
باب الساعي على المسكين
-
باب رحمة الناس والبهائم
-
باب الوصاة بالجار
-
باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه
-
باب: لا تحقرن جارة لجارتها
-
باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره
-
باب حق الجوار في قرب الأبواب
-
باب: كل معروف صدقة
-
باب طيب الكلام
-
باب الرفق في الأمر كله
-
باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا
-
باب قول الله تعالى: {من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيب منها}
-
باب: لم يكن النبي فاحشًا ولا متفحشًا
-
باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل
-
باب: كيف يكون الرجل في أهله؟
-
باب المقة من الله
-
باب الحب في الله
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم}
-
باب ما ينهى من السباب واللعن
-
باب ما يجوز من ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير
-
باب الغيبة
-
باب قول النبي: «خير دور الأنصار»
-
باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب
-
باب: النميمة من الكبائر
-
باب ما يكره من النميمة
-
باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}
-
باب ما قيل في ذي الوجهين
-
باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه
-
باب ما يكره من التمادح
-
باب مَن أثنى على أخيه بما يعلم
-
باب قول الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}
-
باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر
-
باب: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن}
-
باب ما يكون من الظن
-
باب ستر المؤمن على نفسه
-
باب الكبر
-
باب الهجرة
-
باب ما يجوز من الهجران لمن عصى
-
باب: هل يزور صاحبه كل يوم أو بكرةً وعشيًا؟
-
باب الزيارة ومن زار قومًا فطعم عندهم
-
باب من تجمل للوفود
-
باب الإخاء والحلف
-
باب التبسم والضحك
-
باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا}
-
باب: في الهدي الصالح
-
باب الصبر على الأذى
-
باب من لم يواجه الناس بالعتاب
-
باب: من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال
-
باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولًا أو جاهلًا
-
باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله
-
باب الحذر من الغضب
-
باب الحياء
-
باب: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت
-
باب ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين
-
باب قول النبي: «يسروا ولا تعسروا»
-
باب الانبساط إلى الناس
-
باب المداراة مع الناس
-
باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
-
باب حق الضيف
-
باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه
-
باب صنع الطعام والتكلف للضيف
-
باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف
-
باب قول الضيف لصاحبه: لا آكل حتى تأكل
-
باب إكرام الكبير ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال
-
باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
-
باب هجاء المشركين
-
باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر
-
باب قول النبي: «تربت يمينك»، و«عقرى حلقى»
-
باب ما جاء في زعموا
-
باب ما جاء في قول الرجل: ويلك
-
باب علامة حب الله عز وجل
-
باب قول الرجل للرجل: اخسأ
-
باب قول الرجل: مرحبًا
-
باب: ما يدعى الناس بآبائهم
-
باب: لا يقل خبثتْ نفسي
-
باب: لا تسبوا الدهر
-
باب قول النبي: إنما الكرم قلب المؤمن
-
باب قول الرجل: فداك أبي وأمي
-
باب قول الرجل: جعلني الله فداك
-
باب: أحب الأسماء إلى الله عز وجل
-
باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»
-
باب اسم الحزن
-
باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه
-
باب من سمى بأسماء الأنبياء
-
باب تسمية الوليد
-
باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفًا
-
باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل
-
باب التكني بأبي تراب وإن كانت له كنية أخرى
-
باب أبغض الأسماء إلى الله
-
باب كنية المشرك
-
باب: المعاريض مندوحة عن الكذب
-
باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء وهو ينوي أنه ليس بحق
-
باب رفع البصر إلى السماء
-
باب نكت العود في الماء والطين
-
باب الرجل ينكت الشيء بيده في الأرض
-
باب التكبير والتسبيح عند التعجب
-
باب النهي عن الخذف
-
باب الحمد للعاطس
-
باب تشميت العاطس إذا حمد الله
-
باب ما يستحب من العطاس وما يكره من التثاؤب
-
باب: إذا عطس كيف يشمت؟
-
باب إذا تثاوب فليضع يده على فيه
-
باب قول الله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه}
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
[كتاب التمني]
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░74▒ باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً
وقال عمر لحاطب: إنه نافق... إلى آخره.
ثم ساق حديث جابر من حديث زيد، وهو ابن هارون الواسطي: أنا سليم بفتح السين وهو ابن حيان الهذلي البصري، إلى آخره.
وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلعم: ((من حلف منكم فقال في حلفه: باللات والعزى)) إلى آخره.
وحديث ابن عمر: أنه أدرك عمر في ركب وهو يحلف بالله، إلى آخره.
والحاصل أنه يفرق بين أن يقوله بتأويل أو بدونه، وكذا قال الخطابي.
هذا إذا قاله من غير تأويل، وإن كان المقول له من أهل الكفر، وإلا باء بها القائل في هذا نحو تأويل (خ).
وسأل أشهب مالكاً عن هذا الحديث فقال: أراهم الحرورية. قيل له: أفتراهم بذلك كفاراً؟ قال: لا أدري ما هذا.
وحجته قوله ◙: ((سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر)) والفسوق غير الكفر.
ومعنى باء بإثم رميه لأخيه بالكفر ورجع وزر ذلك عليه إن كان كاذباً.
وقد روي هذا المعنى من حديث أبي ذر مرفوعاً: ((لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)) ذكره (خ) في باب: ما ينهى عنه من السباب واللعن، في أول الأدب.
قال المهلب: وهذا معنى (تبوبه): من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، أن المكفر له هو الذي يرجع عليه إثم التكفير؛ لأن الذي رمي بها عند الرامي صحيح الإيمان، إذ لم يتأول عليه شيئاً / يخرجه من الإيمان، فكما هو صحيح الإيمان كصحة إيمان الرامي، فقد صح أنه أراد برميه له بالكفر كل من هو على دينه، فقد كفر نفسه؛ لأنه على دينه. ومتأوله في إيمانه فإن استحق ذلك الكفر المرمي فيه استحق مثلها الرامي.
وقد يجيب الفقهاء عن هذا بأن يقولوا: فقد كفر بحق أخيه المسلم، وليس ذلك مما يسمى به الجاحد حق أخيه كافراً؛ لأنه لا يستحق اسم الكفر من جحد حق أخيه في بر أو مال.
قال: وقوله: (فقد باء بها أحدهما) هو على مذهب العرب في استعمالها الكناية في كلامها، وترك التصريح بالسوء، وهذا كقول الرجل لمن أراد أن يلزمه: والله إن أحدنا لكاذب(1)، وعلى هذا قوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى} [سبأ:24] الآية.
قوله: (ومن حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال) سلف في الجنائز وسيأتي في الأيمان والنذور، في باب: من حلف بملة سوى ملة الإسلام.
قال المهلب: قوله: ((فهو كما قال)) يعني: فهو كاذب لا كافر، إلا أنه لما تعد بالكذب الذي حلف عليه التزام الملة التي حلف بها؛ قال ◙: ((فهو كما قال)) من التزام اليهودية والنصرانية. وعيد الله لمن صح قصده بكذبه إلى التزام تلك الملة في حين كذبه لا في وقت ثان إذ كان ذلك على سبيل المكر والخديعة للمحلوف له، يبينه قوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) فلم ينف عنه الإيمان إلا وقت الزنا خاصة، وكذلك هذا الحالف بملة غير الإسلام لقيام الدليل على أنه لم يرد بهذا الإسلام؛ لتعليقه يمينه بشرط المحلوف له، ولو أراد الارتداد لم يعلق قوله: أنا يهودي لمحلوف عليه من معاني الدنيا؛ ولذلك قال ◙: ((من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله)) خشية منه عليه استدامة حاله على ما قال فينفذ عليه الوعيد، فيحبط عمله ويطبع على قلبه لما قال من كلمة الكفر بعد الإيمان، فتكون كلمة وافقت قدراً فيزين له سوء عمله؛ فيراه حسناً، فيستديم على ما قال، ويصر عليه.
وأما من حلف بملة غير الإسلام، وهو فيما حلف عليه صادق، فهو تصحيح براءته من تلك الملة مثل أن يقول: أنا يهودي إن طعمت اليوم أو شربت. وهو صادق لم يشرب ولم يأكل، فلما عقد يمينه بشرط هو في الحقيقة معدوم بعدم ما ربطه به، وهو الأكل والشرب اللذان لم يقعا منه، لم يتعين عليه وعيد يخشى إنفاذه عليه، فلم يتوجه إليه إثم الملة التي حلف عليها لعقده نيته على نفيها كنفي شرطها لكن لا يبرأ من الملامة، لمخالفته لقوله: ((من كان حالفاً فليحلف بالله)).
وسلف معنى ((لعن المؤمن كقتله)).
قال الطبري: يريد في بعض معناه، لا في الإثم والعقوبة، ألا ترى أن القتل فيه القود بخلاف لعنه، وهو في اللغة: الإبعاد من الرحمة، وكذلك القتل إبعاد للمقتول من الحياة التي يجب لها نصرة المؤمنين، وعون بعضهم لبعض وقد قال ◙: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان))، وكذلك قوله: ((من رمى مؤمنا بكفر فقد قتله)) لما أجمع المسلمون أنه لا قتل عليه في رميه له بالكفر، على أن التشبيه إنما وقع بينهما في معنى يجمعها، وهو ما قلناه، وقد قال بعض العلماء: معناه الحرمة كما ستعلمه في الأيمان والنذور.
قال المهلب: ومعنى الباب الثاني / أن المتأول معذور غير مأثوم، ألا ترى أن عمر قال لحاطب لما كاتب المشركين بخبره ◙: ((إنه نافق)) فعزره الشارع لما نسبه إلى النفاق، وهو أسوأ الكفر، ولم يكفر عمر بذلك من أجل ما جناه حاطب. وكذلك عذر ◙ معاذاً حين قال للذي خفف الصلاة وقطعها خلفه: ((إنه منافق))؛ لأنه كان متأولاً، فلم يكفر معاذاً بذلك. ومثله قوله حين سمع عمر يحلف بأبيه: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)) فلم ير إكفار عمر حين حلف بأبيه، وترك الحلف بخالقه وقصد اليمين بغير الله؛ تشريكاً لله في حقه، لا سيما على طراوة عبادة غير الله، فلما لم يعرفه الشارع بأن يمينه بأبيه ليس بكفر من أجل تأويله: إن له أن يحلف بأبيه؛ للحق الذي له بالأبوة، عذر عمر في ذلك بجهالته أن الله لا يريد أن يشرك معه غيره في الأيمان، إذ لا يحلف الحالف إلا بأعظم ما عنده من الحقوق، ولا أعظم من حق الله على عباده. هذا وجه حديث عمر في هذا الباب.
قال ابن بطال: وكذلك عذر ◙ من حلف من أصحابه باللات والعزى لقرب عهدهم بجري ذلك على ألسنتهم في الجاهلية.
وروي عن سعد ابن أبي وقاص أنه حلف بذلك، فأتى رسول الله صلعم فقال: يا رسول الله إن العهد كان قريباً فحلفت باللات والعزى فقال ◙: ((قل لا إله إلا الله)) وسيأتي هذا في باب: لا يحلف باللات والعزى، في الأيمان، وليس في قوله: ((من حلف باللات..))، إلى آخره؛ إطلاق منه لهم على الحلف بذلك وكفارته بذلك، وإنه علمهم ◙ أنه من نسي أو جهل فحلف بذلك أن كفارته أن يشهد بشهادة التوحيد؛ لأنه قد تقدم إليهم بالنهي عن أن يحلف أحد بغير الله فعذر الناسي والجاهل. ولذلك سوى (خ) في ترجمته الجاهل مع المتأول في سقوط الحرج عنه؛ لأن حديث أبي هريرة في الجاهل والناسي.
وفي صلاة معاذ بقومه دلالة على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وانتصر ابن التين لمذهبه فقال: يحتمل أن يكون جعل صلاته مع رسول الله نافلة، ويحتمل أن يكون لم يعلم الشارع بذلك، وما أبعدهما. وكيف يظن بمعاذ أن يؤخر الفرض ليصليها بقومه ويؤثر النفل خلفه؟ وكيف يدعي أن الشارع لم يعلم بذلك مع أنه شكي إليه؟ وقال: ((أفتان أنت يا معاذ؟)).
قوله: (فتجوز): هو بالجيم وقال ابن التين: يحتمل ذلك أي: خفف، ويحتمل أن يكون بالحاء أي: انحاز وصلى وحده.
وهذه الصلاة كانت العشاء، ولأبي داود والنسائي أنها كانت المغرب، لكن قال البيهقي: روايات العشاء أصح.
واحتج أبو حنيفة بقوله: ((من حلف بملة غير الإسلام)) قال: إن من قال هو يهودي إن فعل كذا، ففعل، أن عليه كفارة يمين؛ ولا حجة فيه لأنه لم يذكرها، وعنه رواية: أن ذلك ردة.
قوله: (ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق) يحتمل أن يريد أنه لما أراد إخراج المال الباطل وأخذه بذلك أمر أن يخرج المال في وجه البر؛ ليكون ذلك كفارة لما أراد.
قال والدي ⌂:
(باب من أكفر أخاه) أي: دعاه كافراً ونسبه إلى الكفر.
قوله: (محمد) قال الغساني: قيل هو ابن بشار بإعجام الشين / أو (ابن المثنى) ضد المفرد و(أحمد بن سعيد الدارمي) بالمهملة والراء و(يحيى بن أبي كثير) ضد القليل والمراد بالأخوة أخوة الإسلام قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات:10] و(باء به) أي رجع به أحدهما لأنه إن كان صادقاً في نفس الأمر فالمقول له كافر وإن كان كاذباً فالقائل كافر لأنه حكم بكون المؤمن كافراً أو الإيمان كفراً.
فإن قلت: لا يكفر المسلم بالمعصية فكذا بهذا القول؟ قلت: حملوه على المستحل لذلك وقيل معناه رجع عليه التكفير إذ كأنه كفر نفسه؛ لأنه كفر من هو مثله وقال بعضهم: المراد: بأحدهما هو القائل خاصة وهذا على مذهبهم في استعمال الكناية وترك التصريح بالسوء كقول الرجل لمن أراد أن يكذبه الله بواحد الكاذب ويريد به خصمه على التعيين. الخطابي: باء به القائل إذا لم يكن له تأويل وهو على طريقة {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى} الآية [سبأ:24].
قال ابن بطال: يعني باء بإثم رميه لأخيه بالكفر أي: رجع ورد ذلك عليه إن كان كاذباً وقيل: يرجع عليه إثم الكفر لأنه إذا لم يكن كافراً فهو مثله في الدين فيلزم من تكفيره تكفير نفسه لأنه مساويه في الإيمان، فإن كان ما هو فيه كفراً فهو أيضاً فيه ذلك، وإن كان استحق المرمي به بذلك كفراً فيستحق الرامي أيضاً، وقيل: معناه أن ذلك يؤول به إلى الكفر لأن المعاصي بريد الكفر ويخاف على المكفر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إليه.
قوله: (عكرمة) بكسر المهملة والراء ابن عمار بتشديد الميم الحنفي اليماني كان مجاب الدعوة و(عبد الله بن يزيد) بالزاي مولى الأسود ضد الأبيض المخزومي و(بها) أي: بهذه الكلمة والخصلة.
قوله: (أبو قلابة) بكسر القاف وخفة اللام وبالموحدة عبد الله و(ثابت) ضد الزائل الضحاك ضد البكاء أشهلي بالمعجمة.
قال ابن بطال: الحلف بملة غير الإسلام مثل أن يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي وهو كما قال أي كاذب لا كافر لأنه ما تعمد بالكذب الذي حلف عليه التزام الملة التي حلف بها، بل كان ذلك على سبيل الخديعة للمحلوف له فهو وعيد، وأما من حلف بها وهو فيما حلف عليه صادق فهو لتصحيح براءته من تلك الملة، مثل أن يقول أنا يهودي إن أكلت اليوم اليوم ولم يأكل فيه فلم يتوجه عليه إثم لعقد نيته على نفيها لنفي شرطها، لكن لا يبرأ من الملامة لمخالفة الحديث وهو من كان حالفاً فليحلف بالله.
القاضي البيضاوي: ظاهره أنه يختل بهذا الحلف إسلامه ويصير يهوديًّا كما قال، ويحتمل أن يراد به التهديد والمبالغة في الوعيد، كأنه قال فهو مستحق لمثل عذاب ما قاله.
قوله: ([عذب] به) إشارة إلى أن عذابه من جنس عمله و(كقتله) أي في التحريم أو في التأثم أو في الإبعاد فإن اللعن تبعيد من رحمة الله تعالى والقتل تبعيد من الحياة و(هو) أي: الرمي.
ووجه الشبه هاهنا أظهر لأن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل كالقتل في أن المتسبب للشيء كفاعله.
قوله: (حاطب) بكسر المهملة، ابن أبي بلتعة بفتح الموحدة والفوقانية وسكون اللام بينهما وبالمهملة البدري و(لحاطب) أي: لأجل حاطب / وإلا لقال إنك منافق، ومقصوده أن المتأول في تكفير الغير معذور غير آثم، ولذلك عذر صلعم عمر في نسبة النفاق إلى حاطب لتأويله، وذلك أن عمر ظن أن حاطباً صار منافقاً بسبب أنه كاتب المشركين كتاباً فيه بيان أحوال عسكر رسول الله صلعم.
قوله: (محمد بن عبادة) بفتح المهملة وخفة الموحدة الواسطي و(يزيد) من الزيادة ابن هارون و(سليم) بفتح المهملة وكسر اللام ابن حيان من الحياة أو من الحين منصرفاً وغير منصرف، وفيه حكاية مشهورة ذكرها أهل الاشتقاق في الصرفيات.
و(معاذ) بضم الميم وبالمهملة ثم المعجمة ابن جبل ضد السهل الأنصاري و(تجوز في صلاته) أي: خفف وكانت تلك الصلاة صلاة العشاء مر في أبواب الصلاة بالجماعة و(الناضح) البعير الذي يستقي عليه والغرض أنه صلعم عذر معاذاً فيما قال للمتجوز أنه منافق لأنه كان متأولاً ظانًّا أن التارك للجماعة منافق.
قوله: (إسحاق) قال ابن السكن: بفتح المهملة والكاف هو ابن راهويه. وقال الكلاباذي: هو ابن منصور و(أبو المغيرة) بضم الميم وكسرها هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني بفتح المعجمة وإسكان الواو وبالنون و(الأوزاعي) هو عبد الرحمن و(حميد) مصغر الحمد ابن عبد الرحمن بن عوف.
قوله: (فليقل لا إله إلا الله) لأنه تعاطى صورة تعظيم الأصنام حين حلف بها فأمر أن يتداركه بكلمة التوحيد، وإنما قرن القمار بذكر الصنم تأسياً بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ} [المائدة:90] أي: فكفارة الحلف بالصنم تجديد كلمة الشهادة وكفارة الدعوة إلى المقامرة التصدق بما تيسر مما ينطلق عليه اسم الصدقة وقيل بمقدار ما أمر أن يقامر به.
قال ابن بطال: ليس فيه تجويز الحلف بهما والتكفير بالكلمة بل مراده أن من نسي وجهل فحلف به فكفارته التكلم بالكلمة؛ لأنه قد تقدم إليهم النهي عن الحلف بغير الله فعذر الناسي والجاهل، ولذلك سوى (خ) في ترجمته الجاهل مع المتأول في سقوط الحرج عنه وأيضاً عذرهم لقرب عهدهم لجري ذلك على ألسنتهم في الجاهلية.
قوله: (بآبائكم) فإن قلت: قد ثبت في الحديث أنه صلعم قال أفلح وأبيه، قلت: هذا من جملة ما يزاد في الكلام للتقرير ونحوه ولا يراد به القسم(2) هذا.
وقال العلماء: الحكمة في النهي أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف عليه وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى وحده فلا يضاهى به غيره، وقد عذر صلعم عمر في حلفه بأبيه لتأويله بالحق الذي للآباء وبه ظهر مناسبته لترجمة الباب.
فإن قلت: قد أقسم الله بمخلوقاته؟ قلت: له تعالى أن يقسم بما شاء تنبيهاً على شرفه.
الزركشي:
(فقد باء به) قيل: إذا كان المقول له غير مستحق لذلك باء بها القائل، وحمله (خ) بمقتضى الترجمة على تحقيق الكفر على أحدهما؛ لأنه إن كان صادقاً فالمرمي كافر وإن كان كاذباً فقد جعل الرامي الإيمان كفراً، ومن جعل الإيمان كفراً كفر ولهذا ترجم عليه مقيداً بغير تأويل.
(محمد بن عبادة) بفتح العين وتخفيف الباء.
(سليم) بفتح السين، هو ابن حيان.
(من كان حالفاً فليحلف بالله) وجه إدخاله في باب: من لم ير إكفار المتأول والجاهل، أن الحلف لما كان تعظيماً للمحلوف به ولم يكن المخاطب مؤمناً كان الحلف تعظيماً للكافر، لكن يجوز بالتأويل / انتهى كلام الزركشي.
أقول:
لا يلزم من جعل المؤمن كافراً جعل الإيمان كفراً لأنه قد توجه فيكون المؤمن أنه لا يفعل أفعال المؤمنين أو يفعل أفعال الكافرين، وأما جعل الإيمان كفراً فلا يمكن توجيهه بشيء يدفع عنه الكفر فيجعل المؤمن كافراً بتأويل لا يكفر ويجعل الإيمان كفراً بكفر فحصل الفرق بينهما فتأمله.
و(محمد بن عبادة) بفتح العين كذا ذكره الدارقطني وابن ماكولا والغساني وعبد الغني، وروى عنه (خ) هنا وفي كتاب الاعتصام.
[1] في هامش المخطوط: ((أقول: وقوله ◙ الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: والقسم له صدارة الكلام وهذا وقع متمماً للكلام)).