مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه

          ░85▒ باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه
          فيه أحاديث:
          1- حديث أبي شريح الكعبي، السالف في باب: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره)).
          وأبو شريح: اسمه: خويلد بن عمر، وقيل غير ذلك، مات سنة ثمان وستين بالمدينة، وهو من بني عدي بن عمرو بن لحي، أخي كعب بن عمر.
          2- حديث أبي هريرة، وسلف فيه أيضاً، وكرره في الباب، وفي أحدهما أبو حصين: وهو عثمان بن عاصم الأسدي الكاهلي الكوفي، مات سنة ثمان وعشرين ومائة.
          3- حديث أبي الخير واسمه: مرثد بن عبد الله اليزني، مات سنة تسعين عن عقبة بن عامر أنه قال: قلنا يا رسول الله، إنك تبعثنا الحديث، وسلف الكلام على الضيف وجائزته.
          قوله: (ولا يحل له أن يثوي عنده) هو بفتح أوله وكسر الواو، والفتح في الماضي، ثوى إذا أقام، ثواء وأثويت عنده بفتح أوله لغة في ثويت؛ أي: لا يقيم عنده بعد الثلاث.
          قوله: (حتى يحرجه) أي: يضيق صدره.
          وأصل الحرج الضيق. وإنما كره له المقام عنده بعد الثلاث؛ لئلا يضيق صدره بمقامه فتكون الصدقة منه على وجه المن والأذى، فيبطل أجره، قال تعالى: {لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} [البقرة:264].
          قوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) معناه: من كان إيمانه إيماناً كاملاً، فينبغي أن يكون هذا حاله وصفته؛ فالضيافة من سنن المرسلين.
          وسلف اختلاف العلماء في وجوبها، وأوجبها الليث بن سعد فرضاً ليلة واحدة، واحتج بحديث عقبة في الباب. وقال جماعة: الضيافة من مكارم الأخلاق في باديته وحاضرته. وهو قول الشافعي. وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة. وقال سحنون: إنما الضيافة على أهل القرى، وأما الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر واحتج الليث أيضاً بقوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [النساء:148] أنها نزلت فيمن منع الضيافة، فأبيح للضيف لوم من لم يحسن ضيافته، وذكر قبيح فعله، وروي ذلك عن مجاهد وغيره.
          فيقال لهم: إن الحقوق [لا] يتضيف منها بالقول، وإنما يتضيف فيها بالأداء والإبراء، فلو كانت الضيافة واجبة لوجب عليهم الخروج إلى القوم مما لزمهم من ضيافتهم.
          قوله: (جائزته يوم وليلة) دليل أن الضيافة ليست بفريضة، والجائزة في لسان العرب: المنحة والعطية. وذلك تفضل وليس بواجب.
          وأما حديث عقبة فتأويله عند جمهور العلماء أنه كان في أول الإسلام حين كانت المواساة واجبة، فأما إذا أتى الله بالخير والسعة فالضيافة مندوب إليها.